وأما كلام العرب، فمنه قولهم :"الخط أحد اللسانين وحسن الخط إحدى الفصاحتين"، وقولهم :"ما كتب قرّ وما حفظ فرّ".
وأما كلام العلماء، فمنه ما أنشد سحنون(١) - رضي الله عنه - :
الْعِلْمُ صَيْدٌ وَالْكِتَابَةُ قَيْدُهُ قَيِّدْ صُيُودَكَ بِالْقُيُودِ الْمُوثِقَةِ
وَمِنَ الْجَهَالَةِ أَنْ تَصِيدَ حَمَامَةً وَتَدَعَهَا مَعَ الأَوَانِسِ مُطْلَقَةً(٢)
وقال آخر(٣):
تَعَلَّمَ قِوَامَ الْخَطِّ يَا ذَا التَّأذُّبِ وَلاَزِمْ لَهُ التَّعْلِيمَ فِي كُلِّ مَكْتَبِ
فَإِنْ كُنْتَ ذَا مَالٍ فَخَطُّكَ زِينَةٌ وَإِنْ كُنْتَ مُحْتَاجًا فَأَفْضَلُ مَكْسَبِ
وقال بعض العلماء : الكتابة من أجلّ صناعة البشر، وأعلى شأن، ومن أعظم منافع الخلق من الإنس والجن، لأنها حافظة بما يخاف عليه من النسيان، وقاضية بالصواب من القول إذا حرفه اللسان، ومبقية للحكم والعلوم على ممرّ الدهور والأزمان.
القيرواني، العالم الزاهد الفقيه البارع. ولد سنة ١٦٠ هـ. ورحل في طلب العلم، وسمع من ابن القاسم،
وابن وهب، وأشهب، وغيرهم، وتفقه عليه خلق كثير. ولي القضاء في القيروان. من مصنفاته :
"المدونة" في الفقه المالكي التي عليها اعتماد أهل القيروان وشمال إفريقية. توفي سنة ٢٤٠ هـ.
انظر : الديباج، ص ٢٦٣ – ٢٦٨، وفيات الأعيان، ٣ : ١٨٠، رقم ٣٨٢، شجرة النور الزكية،
١ : ١٠٣، ١٠٤، هدية العارفين، ٥ : ٥٦٩.
(٢) وقد أنشد الشافعي مثل هذين البيتين، فقال :
" العلم صيد والكتابة قيده * قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة * وتتركها بين الخلائق طالقة "
انظر ديوان الشافعي، ص ٤٧.
(٣) لم أقف على هذين البيتين.