قوله :(( وبعده [جرده الإمام](١)) الضمير في (( بعده )) عائد على الجمع المتقدّم في قوله أولا :(( جمعه في الصحف الصّدّيق ))، أي وبعد الجمع المتقدّم جرده عثمان بن عفان. الضمير في (( جرده )) عائد على القرآن، دلّ عليه السياق، أو عائد على الرسم المتقدّم في قوله :(( أن أصل الرسم )) وهو رسم القرآن.
وقوله :(( جرده )) معناه لخّصه، وسلخه، وكتبه مجرّدا من الأحرف السبعة(٢)التي أنزل الله - عز وجل - بها القرآن، وأذن لعباده أن يقرءوا بها، لقوله - عليه السلام - :(( نزل القرآن على سبعة أحرف وكلها شاف كاف فاقرءوا كيف شئتم ))(٣)، فأخذ منها عثمان حرفا واحدا وهو حرف قريش، وترك الستة الباقية.
قوله :(( ليقتدي الأنام )) اللام هي لام "كي"، ويقال لها : لام العلّة، يعني : أن العلّة التي من أجلها جرد الإمام القرآن من السبعة الأحرف، وجعله على حرف واحد منها، إنما هي الاقتداء.

(١) ما بين المعقوفين سقط من :" جـ ".
(٢) للعلماء أقوال في معنى الأحرف السبعة، أوصلها بعضهم إلى أربعين قولا.
انظر : الإتقان، ١ : ٤٥ – ٥٠، مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني، ١ : ١٣١، النشر في
القراءات العشر لابن الجزري ١ : ٢٠ – ٥٣، فضائل القرآن لابن حجر العسقلاني، شرح وتقديم
السيد الجميلي، ص ٤٩ – ٨٥، ط١، منشورات دار ومكتبة الهلال، بيروت، ١٩٨٦ م.
(٣) وردت رواية هذا الحديث بنقل صحيح من عدة وجوه بهذا المعنى.
أخرجه البخاري ومسلم بلفظ :" أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه ".
وأخرجه أحمد بن حنبل، ونصه :" إن القرآن نزل على سبعة أحرف ".
صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، ٣ : ٣٢٤، حديث ٤٩٩٢،
صحيح مسلم، باب بيان أن القرآن نزل على سبعة أحرف، ١ : ٥٦٠، حديث ٨١٨، مسند أحمد، ١ : ٢٤
حديث ١٥٨.


الصفحة التالية
Icon