قوله :(( الأنام ))، الأنام هم الخلق. قال تعالى :﴿ وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأََنَامِ ﴾(١)، أي للخلق.
قوله :(( ليقتدى )) الاقتداء : هو الاتباع. قال الله تعالى :﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾(٢)، وقال – أيضا – :﴿ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴾(٣).
وهاهنا خمسة ألفاظ : الاتباع، والاقتفاء، والاقتداء، والافتقار، والتأسي، وهي كلها بمعنى واحد، ومعناها : تتبع(٤)الخبر المنقول، والدخول في الأثر المعمول(٥).
وقيل : الاقتفاء أبلغ(٦)وآكد من الاتباع ؛ لأن الاتباع معناه : موافقة الأقوال والأفعال، وقد يقع الإخلال في بعض الأحوال.
والاقتفاء معناه : ترك الإهمال والإخلال بسرّ حقائق الأفعال، فمعنى قولهم : اقتفاء الأثر، كناية عن المبالغة فيه، وأخذ النفس بمطالعة أسراره وأغواره(٧)، ومن هذا المعنى تسمية القافة لأهل المعرفة بأسرار الخلقة وتشبيه الجسوم بالمعاني الخفية يقال : قاف ويقوف قيافة يقفوا(٨)، إذا اتبع وهو من المقلوب، نحو :"جبذ" و"جذب".
قوله :(( ليقتدى )) سكّن الناظم الياء، مع أن الفعل منصوب بلام ((كي)) ؛ لتعذّر النظم بتحريكها، وأيضا يجوز حذف الفتحة في حرف العلّة في بعض اللغات، كما يجوز حذف الضمة والكسرة، ومنه قول النابغة :
رَدَّتْ عَلَيْهِ أَقَاصِِيهِ وَلَبَّدَهُ ضَرْبُ الْوَلِيدَةِ بِالْمَسْحَاةِ فِي الثَّأْدِ(٩)
والثأد : هو المكان الندي.

(١) سورة الرحمن، الآية ٨.
(٢) سورة الأنعام، من الآية ٩١.
(٣) سورة الزخرف، من الآية ٢٢.
(٤) في جـ، ز :" تسمع ".
(٥) في جـ :" المفعول ".
(٦) زاد في جـ، ز :" وأقوى ".
(٧) الغور : القعر من كل شيء.
انظر القاموس المحيط، مادة " غور "، ٤٠٨.
(٨) المصدر نفسه، مادة " قوف "، ص ٧٦٣.
(٩) هذا البيت في ديوانه، ص ٣٠، وانظر معنى "الثأد" في القاموس المحيط، مادة " ثأد "، ص ٢٤٥.


الصفحة التالية
Icon