وقد دعم سلاطين بني مرين الحياة الفكرية، ولم يفرضوا على العلماء وجهة نظر معينة، ولم يضعوا أمامهم أية عوائق تعوق إمامتهم، بل لقد انضم كثير من العلماء إلى المجالس العلمية لسلاطين بني مرين، وشغل بعضهم مناصب كبرى في الدولة، كابن خلدون، وابن الخطيب، وابن الأحمر، وغيرهم. كما كان كثير من السلاطين محبّا للعلم مولعا بأهله، منهم على سبيل المثال : السلطان أبو الحسن بن أبي سعيد، كان من كبار العلماء، كثير الجلوس مع الأدباء(١).
كما كان لسلاطين بني مرين تشجيع كبير للعلم والعلماء، من خلال بناء المدارس وتزويد المساجد بالخزائن العلمية، ومساعدة الطلبة بالمنح والجوائز(٢).
أما المذهب السائد في عصر الدولة المرينية، فهو مذهب الإمام مالك - رضي الله عنه -، ولم ينافسه أي مذهب آخر، وقد اكتسب الفقهاء اعتبارا فائقا في هذا العصر بسبب الإقبال الكبير على العلوم الدينية بشكل عام(٣).
كما اهتم العلماء بدراسة القرآن الكريم، باعتباره المصدر الأول للتشريع الإسلامي وازدهرت بعض العلوم المتصلة بالقرآن الكريم، كعلم القراءات، فكان من مشاهير هذا العلم : أبو عبد الله محمد الشريشي الشهير بالخراز، صاحب مورد الظمآن في رسم القرآن، وأبو الحسن بن بري صاحب الدرر اللوامع(٤).
ب- حياته :
١- اسمه ونسبه :
هو محمد بن محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الأموي الشريشي الشهير بالخراز(٥).
(٢) انظر المغرب عبر التاريخ، ٢ : ٧٣.
(٣) انظر تاريخ المغرب الإسلامي، ص ٣٤٠، المغرب عبر التاريخ، ٢ : ١٤٦
(٤) انظر النبوغ المغربي، ١ : ٢١٩، تاريخ المغرب الإسلامي، ص ٣٤١، ٣٤٢.
(٥) انظر ترجمته في :
١-... غاية النهاية في طبقات القراء، ٢ : ٢٣٧.
٢-... معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة، اعتنى به وجمعه مكتب تحقيق التراث، ٣ : ٦١٧، ط١،
مؤسسة الرسالة، ١٩٩٣ م.
٣-... شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمحمد بن محمد مخلوف، خرّج حواشيه وعلق عليه : عبد المجيد خيالي، ١ : ٣٠٩، ط١، دار الكتب العلمية، بيروت.
٤-... النبوغ المغربي، ١ : ٢١٩.
٥-... الأعلام للزركلي، ٧ : ٣٣، ط١١، دار العلم للملايين، بيروت، ١٩٩٥ م.
٦-... مجلة الإحياء، العدد العاشر، سنة ١٩٩٧ م، ص ١٨٩، مطبعة المعارف، الرباط.