فقال عثمان لزيد [بن ثابت](١): إذا اختلفت أنت مع الرهط الثلاثة القريشيين(٢)، فاكتبوه بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلغة قريش، فلم يختلفوا في شيء إلا في حرف واحد، وهو: ﴿ التَّابُوتُ ﴾ في سورة البقرة(٣)، فقال زيد :"التابوه" بالهاء، وقال الرهط القريشيون :"التابوت" بالتاء، فارتفعوا إلى عثمان، فقال لهم : اكتبوه بالتاء(٤).
فتحصّل من هذا : أن السبب الذي من أجله جمع عثمان القرآن وجرده على حرف واحد هو : الاختلاف الواقع بين الناس بزمانه(٥).
وقد بيّن أبو عمرو هذا كلّه في كتاب المنبهة(٦):
وولي الناسَ الرضى عثمانُ وبايع الكل له ودانُوا
فحضهم معا على الجهاد فانبعث القوم على معاد
وقصدوا مصححين النية نحو أذربيجان وأرمينيّة
فاجتمع الشامي والعراقي في ذلك الغزو على وفاق
فسمع البعض قراءة البعض فقبلوا قراءتهم بالنقض
واختلفوا(٧)في أحرف التلاوة حتى بدت بينهم العداوة
ووصل الأمر إلى عثمان أخبره حذيفة بالشأن
وما جرى بينهم هناك وما رءا من أمرهم في ذاك
فقال هذا الأمر فأدركه فهو مفضل فلا تتركه
فجمع الإمام من بالدار من المهاجرين والأنصار
وقال قد رأيت أمرا فيه مصلحة وهو ما أحكيه
رأيت أن أجمع هذه الصحف في مصحف بصورة لا تختلف
أدخله ما بين دفتين فصوب الكل لذي النورين
ما قاله وما رءا من ذلك(٨)ولم يكن مخالفا هناك
وقال لابن ثابت تولى هذا فأنت الثقة المعلى
لذاك قد قدمك الصّدّيق فأنت لا شك به حقيق
لكنني أشرك في الكتابة معك أفرادا من الصحابة

(١) ساقطة من :" جـ ".
(٢) زاد في جـ، ز :" في شيء ".
(٣) ١٠) في الآية ٢٤٦.
(٤) ١١) انظر القصة بتمامها في : صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن، ٣ : ٣٢٢،
حديث ٨٧٤٩، المقنع، ص ٤، الإتقان، ١ : ٥٧،
(٥) ١٢) في جـ، ز :" في زمانه ".
(٦) زاد في جـ، ز :" فقال ".
(٧) في جـ :" واختلف ".
(٨) في جـ :" من ذاك ".


الصفحة التالية
Icon