الميزان والسجيل(١): هو الجبل، والمشكاة(٢): هي الكوّة.
ودليل من قال(٣)ليس في القرآن شيء من اللغات العجمية، قوله تعالى :﴿ ءَا اعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ﴾(٤)؛ لأن معناه(٥): أيوجد في القرآن لفظ عجمي ولفظ عربي؟ أي : فلا يتنوع القرآن إلى هذين النوعين – أعني اللفظ العربي واللفظ العجمي – ؛ لأن الهمزة في الآية الكريمة هي همزة الاستفهام على طريق الإنكار.
وتأوّل أصحاب هذا القول ما تقدّم من الألفاظ العجمية الواقعة في القرآن، بأنها مما اتفقت فيه اللغتان : لغة العرب، ولغة العجم، كالتنور، والصابون.
وتأوّل المحققون الآية المذكورة – أعني قوله تعالى :﴿ ءَا اعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ﴾ – بأن معناها كلام أعجمي، ومخاطب عربي، فلا يمكن أن ينزل القرآن بلغة العجم مع كون النبي من العرب، لقوله تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ؟ ﴾.
وقد بيّن ابن الحاجب(٦)في كتاب الأصول هذا الخلاف، فقال(٧): " مسألة في القرآن المعرّب، وهو عن ابن عباس وعكرمة(٨)
انظر اللسان : ١١ : ٣٢٥، " سجل ".
(٢) ١٤) المشكاة : هي الكوة التي ليست بنافذة.
انظر : مختار الصحاح، ١ : ١٤٥، ولسان العرب، ١٤ : ٤٤١، "شكا".
(٣) منهم الأمام الشافعي، وابن جرير، وأبو عبيدة، والقاضي أبو بكر.
انظر : الإتقان، ١ : ١٣٥، ١٣٦، والجامع لأحكام القرآن، ١ : ٦٨.
(٤) سورة فصلت، من الآية ٤٣.
(٥) زاد في جـ :" عنده ".
(٦) سبق التعريف به في ص ٤٩.
(٧) شرح العضد على مختصر منتهى الأصول لابن الحاجب، ص ٥٢، ٥٣.
(٨) هو عكرمة بن عبد الله المدني، مولى عبد الله بن عباس، فقيه تابعي، عالم بالتفسير،
روى الحديث عن ابن عباس وعائشة وعمر، وغيرهم. توفي سنة ١٠٥ هـ، وقيل ١٠٦ هـ.
انظر : وفيات الأعيان، ٣ : ٢٦٥، رقم ٤٢١، غاية النهاية، ١ : ٥١٥، رقم ٢١٣٢.