والأسدي يقرأ :( تِِعلمون )(١)، والتميمي : يهمز، والقرشي : لا يهمز، والآخر يشم، والآخر لا يشم. وهذا مما لا يطوع به كل لسان، ولو أراد كل فريق من هؤلاء أن يزول عن لغته، وما جرى عليه اعتياده طفلا وناشئا وكهلا(٢)لاشتدّ ذلك عليه، وعظمت المحنة فيه، ولم يمكنه إلا بعد رياضة للنفس طويلة له، وتذليل للسان، وقطع للعادة، فأراد الله بلطفه ورحمته أن يجعل لهم متسعا في اللغات، ومتصرفا في الحركات، فسهّل(٣)عليهم في المقال، كما سهّل عليهم في الأحكام من أمور الدين والدنيا.
السؤال التاسع عشر : لم(٤)نزل القرآن على سبعة أحرف دون أقل أو أكثر ؟
فإنما ذلك : لحكمة علمها الله – تبارك وتعالى – في هذا العدد دون غيره من الأعداد، ولأجل هذا قيّد الله بهذا العدد أصنافا من مخلوقاته، لأن السموات سبعة، والأراضين سبعة، والبحار سبعة، والأيام سبعة، والليالي سبعة، وأطوار الإنسان سبعة، كما في قوله :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلَلَةٍ مِّن طِينٍ ﴾(٥)الآية، وأرزاقه سبعة، كما في قوله تعالى :﴿ إنَّا صَبَبْنَا الْمَآء صَبًّا ﴾(٦)الآية،
وجوارحه سبعة، وسجوده على سبعة، كما في قوله - عليه السلام - :((أمرت أن أسجد على سبعة آراب(٧)

(١) في مثل قوله تعالى :﴿.... فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾، سورة البقرة، من الآية ٢١.
(٢) الكهل : من جاوز أربعا وثلاثين إلى إحدى وخمسين سنة.
انظر : القاموس المحيط، ص ٩٥٠، " كهل "، لسان العرب، ١١ : ٦٠٠، " كهل ".
(٣) في جـ :" وسهل ".
(٤) في جـ، ز :" لماذا ".
(٥) ١٠) سورة المؤمنون، الآية ١٢.
(٦) ١١) سورة عبس، الآية ٢٤.
(٧) الإرب بالكسر هو العضو، وجمعه آراب، أي أعضاء، والمراد بالسبعة هي : الجبهة واليدان والركبتان
والقدمان.
انظر : لسان العرب، ١ : ٢١٠، " أرب "، مختار القاموس، ١ : ٥، " أرب ".


الصفحة التالية
Icon