فأجاب المعترض المذكور عن هذا الاعتراض بأن قال : وإن لم يذكر في السؤال المذكور [عن أشهب](١)الحضّ على الإتباع، فهو مذكور في المعنى، لأن النهي عن الشيء أمر بضدّه، فالنهي عن الابتداع أمر بالاتباع، وهذا الاعتراض عندي غير صحيح ؛ لأن قول المعترض ليس في السؤال المذكور عن أشهب إلا النهي عن الابتداع، وليس فيه الحضّ على الاتباع، هذا لا نسلمه، لأن فيه – أيضا – الحضّ على الاتباع، وهو قوله :"ولكن يكتب على الكتبة الأولى"، وذلك عين الحضّ على الاتباع.
قوله :(( إذ منع السائل )) إذ هاهنا يصح أن تكون للتعليل، كقوله تعالى :﴿ وَلَنْ يَّنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ ﴾(٢)، أي لأجل ظلمكم، ويصح أن تكون بمعنى الحين والوقت، كقوله تعالى :﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ﴾(٣)، أي حين كنتم قليلا
فإذا جعلناها تعليلا، فهي تعليل لقول الناظم، ففي الكلام حذف، تقديره : وإنما قلنا حضّ مالك على الاتباع إذ منع السائل من الإحداث، ولا يصح أن يكون تعليلا لقول مالك ؛ لأن منع مالك السائل من الإحداث، ليس بعلّة للحضّ على الاتباع وترك الابتداع.
وإنما العلّة لمالك في الحضّ على الاتباع : هي مخافة الإحداث والبدعة، لا منع السائل. تأمَّله.

(١) ساقطة من :" جـ ".
(٢) سورة الزخرف، من الآية ١٣٨.
(٣) سورة الأعراف، من الآية ٨٥.


الصفحة التالية
Icon