قوله :(( فمنع النقط ))، أي منع مالك السائل المذكور عن نقط المصاحف الكبار [أي](١)للالتباس، وهو الاختلاط. تقول التبس عليّ هذا الأمر، أي اختلط عليّ، واللبس هو الخلط، ومنه قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ﴾(٢)، أي : ولا تخلطوا(٣).
قوله(٤): (( فمنع النقط للالتباس )) اعترض هذا الكلام بأن قيل : ظاهره أن العلّة التي من أجلها منع مالك نقط المصحف، هي مخافة الالتباس، وليس الأمر كذلك، بل العلّة التي من أجلها منع مالك نقط المصحف، هي : مخافة الإحداث، كما تقدّم في السؤال المذكور، [وجواب مالك له](٥).
أجيب عن هذا بأن قيل : ليس هذا من قول مالك وتعليله، وإنما هذا من قول الناظم وتعليله، وتبع الناظم في هذا التعليل بالالتباس أبا عمرو الداني، في كتاب المحكم(٦)، لأن أبا عمرو نهى في المحكم عن نقط المصحف بالسواد بالحبر(٧)، أو غيره من السواد، لأن السواد يحدث في المصحف تغييرا، أو تخليطا، أو التباسا وتبع الناظم في هذا التعليل بالالتباس أبا عمرو [إذ](٨)بذلك علّل.
اعترض(٩)هذا الجواب بأن قيل : التعليل بالالتباس الذي علّل به أبو عمرو، إنما هو خاص بالسواد دون الحمرة وغيرها مثلا، والناظم علّل النقط مطلقا بالالتباس(١٠)لا فرق بين السواد وغيره، وهو مخالف لأبي عمرو الداني، لأن أبا عمرو جوّزه بلون يخالف لون السواد، ومنعه(١١)بالمداد مخافة الالتباس.

(١) ساقطة من :" جـ "، " ز ".
(٢) سورة البقرة، من الآية ٤١.
(٣) في جـ :" أي لا تخلطوا ".
(٤) ١٠) في جـ :" وقوله ".
(٥) ما بين المعقوفين سقط من :" جـ ".
(٦) انظر المحكم، ص ١٩.
(٧) في حاشية النسخة ز :" الحبر بالكسر هو المداد ".
(٨) ساقطة من :" جـ ".
(٩) في جـ، ز :" واعترض ".
(١٠) في جـ :" للالتباس ".
(١١) في جـ :" ومعناه ". وهو تصحيف ظاهر.


الصفحة التالية
Icon