وقوله :(( الناس )) يعني بالناس هنا(١)العلماء، وقد قيل لعبد الله بن المبارك(٢) - رضي الله عنه - من الناس، قال : العلماء، فقيل له ومن الملوك، فقال : الزّهاد، فقيل له ومن السفلة(٣)، قال : الذين يأكلون الدنيا بالدين.
وقوله :(( عليه )) الضمير يعود على الرسم المذكور أولا في قوله :(( وبعد فاعلم أن أصل الرسم )).
وقوله :(( كتبا ))، أي تواليف وتصانيف، وهو جمع كتاب، نحو : شهاب وشهب وحجاب وحجب، ويجوز تسكينه، فيقال : كتْب بسكون التاء تخفيفا، ولا يجوز [هنا](٤)في البيت إلا التحريك لضرورة الوزن.
والكتاب يطلق على المصدر، وعلى المكتوب، نحو اللباس، لأنه يطلق على المصدر وعلى الملبوس، وهو الثوب، فالمراد من معنى الكتاب هاهنا : المكتوب.
قوله: (( ووضع الناس عليه كتبا ))، أي كتب العلماء عليها مكتوبات، أي تأليفات وتصنيفات.
قوله :(( كل يبين عنه كيف كتبا )) معناه : كل واحد منهم يبين عنه كيف كتبا، فالتنوين في قوله :(( كلٌ )) عوض من الإضافة، كقوله تعالى :﴿ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾(٥)، أي كل واحد منهم.
وقوله :(( يبين ))، أي يوضّح ويظهر، لأن البيان : هو الإيضاح والظهور، يقال : بان الشيء يبين، إذا وضح(٦)وظهر.
قوله :(( عنه ))، أي عن الرسم المذكور.

(١) في جـ :" هم العلماء ".
(٢) أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي، مولى بني حنظلة، ولد سنة ١١٨ هـ، كان قد
جمع بين العلم والزهد، تفقه على سفيان الثوري ومالك بن أنس – رضي الله عنهما –، وروى عنه الموطأ
توفي سنة ١٨٢ هـ. انظر وفيات الأعيان، ٣ : ٣٢، ٣٣، رقم ٣٢٢.
(٣) في جـ :" وما السفلة ".
(٤) ساقطة من :" جـ ".
(٥) سورة الأنبياء، من الآية ٩٢.
(٦) في جـ :" إذا أوضح ".


الصفحة التالية
Icon