قوله :(( كيف كتبا ))، معناه : كيفية كتابته، أي على أيّ صورة كتب في مصحف عثمان - رضي الله عنه -، هل بحذف أو بإثبات، وهل بزيادة(١)أو بنقصان، وهل بقطع أو بوصل، وهل بربط أو بمدّ، وهل بصورة أو بغير صورة، أو غير ذلك مما سيأتي في موْضعه(٢)مبيّنا إن شاء الله.
قوله :(( كل يبين )) ولم يقل يبيّنون : مراعاة للفظ (( كل )) ؛ لأن لفظه مفرد، وإن كان معناه الجمع، فراعى الناظم لفظه ولم يراع معناه، مثاله قوله تعالى :﴿ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ إِلاَّ ءَاتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا ﴾(٣)، فأفرد اسم الفاعل، وهو ﴿ ءَاتِي ﴾ ولم يقل آتوا، مراعاة للفظ (( كل )) دون معناه، والألف في آخر الشطر الأخير هو ألف الصلة لإطلاق القافية.
الإعراب : قوله :(( ووضع )) ماض، (( الناس )) فاعل(٤)، (( عليه )) جار ومجرور متعلق بـ (( وضع ))، (( كتبا )) مفعول، قوله :(( كل )) مبتدأ بدأ بالنكرة لأنها مضافة في المعنى، تقديره : كل واحد منهم، قوله :(( يبين )) فعل مضارع، ((عنه)) جار ومجرور متعلق بـ (( يبين ))، قوله :(( كيف )) في موضع نصب على الحال من الضمير المستتر في كُتِب، نحو قوله تعالى :﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ﴾(٥)، لأن ﴿ كَيْفَ ﴾ في موضع نصب بـ ﴿ تَكْفُرُونَ ﴾ ومعناه سؤال عن الحال، أيْ على أيّ حال كُتب، وقوله :(( كتبا )) ماض مركب، ويحتمل أن تكون (( كيف )) هاهنا بمعنى كما لأن كيف تكون بمعنى كما. قاله الزجاجي في معاني الحروف(٦)،
(٢) في جـ، ز :" في مواضعه ".
(٣) سورة مريم، من الآية ٩٣.
(٤) في جـ :" ووضع الناس فاعل ".
(٥) سورة البقرة، من الآية ٢٧.
(٦) هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، النحوي البغدادي، صاحب الجمل، كان إماما في علم
النحو. أخذ النحو عن محمد بن العباس اليزيدي، وأبي بكر ابن دريد، وغيرهم، وسكن دمشق وانتفع الناس
به وتخرجوا عليه، وأخذ عنه أحمد بن شرام النحوي، وأبو محمد بن أبي نصر. من مؤلفاته :"الجمل"
في النحو، "اللامات"، "الأمالي". توفي سنة ٣٣٩ هـ، وقيل غير ذلك.
انظر : بغية الوعاة، ٢ : ٧٧، رقم ١٤٧٩، وفيات الأعيان، ٣ : ١٣٦، رقم ٣٦٧.