وقال :"مثاله قولك : اعمله كيف تشاء، أي اعمله كما تشاء "، وقول الناظم على هذا :(( كل يبين عنه كيف كتبا ))، أي كل يبيّن عنه كما كتبا، والكاف في قولنا (( كما )) نعت لمصدر محذوف، تقديره : يبيّن عنه تبيينا، مثل كتابته في مصحف الإمام، فتكون ما مصدرية، أو تقول تقديره : تبيينا، مثل التبيين الذي كتب في مصحف الإمام(١)، فتكون ما موصولة على هذا التقدير. ثم قال :
[٢٢] أَجَلُّهَا فَاعْلَمْ كِتَابُ المُقْنِعِ **** فَقَدْ أَتَى فِيهِ بِنصّ مُقْنِعٍ
هذا هو الكتاب الأول من الكتب التي لخّص منها الناظم كتابه، وذكر في هذا البيت : أن أفضل الكتب المؤلفة في علم الرسم، هو كتاب المقنع.
وقوله :(( أجلها ))، أي : أفضلها وأعظمها منفعة، وأكثرها فائدة.
يقال(٢): جلّ الشيء، إذا عظم، والجليل معناه : عظيم القدر.
فالمقصود هنا بقوله :(( أجلّها )) : عظيم المنفعة، كثير الفائدة، وليس أنه يريد عظيم الجرم، وكيف لا يكون هذا التأليف عظيم المنفعة كثير الفائدة، ومؤلفه - رضي الله عنه - كان إماما في علوم القرآن، حافظا ضابطا لها، بلغ فيها الغاية القصوى، والنهاية العظمى.
نذكر هاهنا نسبه، وبلده، وتواليفه، وولادته، ووفاته، وعمره - رضي الله عنه -.
أما نسبه : فهو أبو عمرو عثمان بن سعيد [بن عثمان بن سعيد](٣)الأموي، المشهور بابن الصّيرفي القرطبي، ولكن يقال له الداني، لأنه انتقل من قرطبة(٤)،

(١) في ز " في مصحف عثمان ".
(٢) انظر : لسان العرب، ١١ : ١١٦، " جلل "، مختار القاموس، ١ : ٤٦، " جلل ".
(٣) ما بين المعقوفين سقط من :" جـ ".
(٤) قرطبة مدينة من أعظم مدن الأندلس، وقاعدة من قواعدها، تنتهي أحوازها في الغرب إلى أحواز إشبيلية.
انظر معجم البلدان، ٢ : ٤٣٤.


الصفحة التالية
Icon