وكان لا يجلس للإقراء إلا على طهارة، وعلى هيئة وخضوع ووقار، وكان ينهى جلساءه عن الكلام في غير العلم(١)، ولا يتكلم في سائر أوقاته إلا بما تدعوه إليه الضرورة(٢)، وكان يُطلع أصحابه على أشياء يفعلونها في السرّ ولا يعلمها [منهم](٣)إلا الله(٤)، وكان إذا جلس عنده من لا يعرفه فيعتقد أنه يبصر، ولا يشك في ذلك، ولا يظهر منه ما يظهر(٥)إذ هو أعمى - رضي الله عنه -، وذلك لشدة ذكاء عقله، ورجحانه - رضي الله عنه - ونفعنا به، وكان – رحمه الله – يأخذ القراءة عن أبي الحسن بن هذيل(٦)عن أبي داود(٧)

(١) في جـ :" وكان ينهى جلسائه في الكلام على غير العلم ".
(٢) زاد في جـ، ز :" وكان رجلا صالحا ذا فراسة ".
(٣) ساقطة من :" جـ ".
(٤) زاد في جـ :" تعالى ".
(٥) في جـ، ز :" ولا يظهر منه ما يظهر من الأعمى إذ هو أعمى ". لعل هذا هو الصواب.
(٦) هو علي بن محمد بن علي بن هذيل، أبو الحسن البلنسي، إمام ثقة عالم، زاهد. ولد سنة ٤٧٠ هـ، وقرأ
الكثير على أبي داود، وهو أجلّ أصحابه. انتهت إليه رئاسة الإقراء في مكانه، وقرأ عليه أبو القاسم
الشاطبي، ومحمد بن سعيد المرادي، وغيرهم. توفي سنة ٥٦٤ هـ.
انظر غاية النهاية، ١ : ٥٧٣، رقم ٢٣٢٩.
(٧) هو أبو داود سليمان بن نجاح بن أبي القاسم الأموي، شيخ القراء. ولد سنة ٤١٣ هـ، وأخذ القراءات عن
أبي عمرو الداني ولازمه كثيرا، وهو من أجل أصحابه، وقرأ عليه إبراهيم بن جماعة البكري، الداني،
وأبو الحسن علي بن هذيل، وغيرهم. من مؤلفاته :"كتاب البيان الجامع لعلوم القرآن"، "التبيين لهجاء
التنزيل". توفي ببلنسية سنة ٤٩٦.
انظر غاية النهاية، ١ : ٣١٦، رقم ١٣٩٢.


الصفحة التالية
Icon