ذكر الناظم هنا : الكتاب الرابع من الكتب التي لخّص منها كتابه، وذكر في هذا البيت : أنه يأتي في هذا الرَّجز ببعض كلمات قليلة من كتاب المنصف(١)، لأن رب تدل على التقليل، ويقال : ربّ بالتشديد والتخفيف، وهما لغتان مشهورتان، وهما – أيضا – قراءتان(٢)في قوله تعالى :﴿ رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ ﴾(٣)وكأنه يقول : وأنا أذكر كلمات قليلة. وفي ربّ أربع لغات : لغتان في عدم التاء : التشديد والتخفيف، ولغتان مع التاء : التشديد والتخفيف – أيضا –.
وقوله :(( مما تضمن كتاب المنصف ))، أي مما جمّع أو حصّل كتاب المنصف وهو الكتاب المشهور عند الناس بالبلنسي، وناظمه هو الأستاذ الأجل أبو الحسن على بن محمد المرادي البلنسي(٤)، نسبه مرادي، وبلده بلنسيّة، وهي قاعدة من قواعد الأندلس، أعادها الله إلى الإسلام بمنّه.
وكان هذا الرجل(٥)في دولة الموحدين، في دولة الأمير يوسف بن عبد المؤمن بن علي(٦)،
عاشر في فتح المنان، ورقة ٣٥، وسعيد إعراب في كتابه القراءات والقراء، ص ٣٨. ولقد بحثت في
الخزانات وفهارس المخطوطات فلم أقف على هذا الكتاب، لعلّ نسخه قليلة أو نادرة، كما قال الشوشاوي :
"..... فإني لم أطالع من المنصف إلا نسخة واحدة..... ". تنبيه العطشان، ص ٣٥٧.
(٢) قرأ نافع وعاصم بتخفيف الباء، ووافقهما من العشرة أبو جعفر، وقرأ الباقون بتشديدها.
انظر : التيسير، ص ١١٠، المبسوط، ص ٢٢٠، النشر، ص ٣٠١، البدور الزاهرة، ص ١٧٣.
(٣) سورة الحجر، الآية ٢.
(٤) تقدمت ترجمته في ص ١٧٧.
(٥) في جـ :" هذا الرَّجز ".
(٦) هو يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي الكومي. ولد سنة ٥٣٣ هـ، وبويع له بعد وفاة أبيه. كان حازما
شجاعا مدبرا. توفي سنة ٥٨٠ هـ. انظر الأعلام، ٨ : ٢٤١.