وأما تسمّيتها بأم القرآن، فقيل سميت بذلك : مأخوذ من الإمامة التي هي التقدّم، يقال أمّه يؤمّه [أمًّا](١)، إذا تقدّمه، ومنه تسمية الإمام في الصلاة إماما، لتقدّمه بالناس، ومنه تسمية السلطان إماما لتقدّمه بالرعيّة، ومنه تسمية الراية إماما لتقدّمها بالجيش(٢)، وسميت بأم(٣)القرآن على هذا، لأنها تؤمّ القرآن، أي أنها تتقدّمه ؛ إذ هي المتقدّمة فيه.
وقيل(٤): سميت بأم القرآن مأخوذ من "الأُم" الذي هو أول الشيء، ومنه تسمية اللوح المحفوظ بأم الكتاب، لقوله تعالى :﴿ وَعِندَهُ؟ ؟ُمُّ الْكِتَابِ ﴾(٥)، وهو اللوح المحفوظ، لأنه أول كل كتاب، ومنه تسمية مكة بأم القرى، لقوله تعالى :﴿ لِتُنذِرَ ؟ُمَّ الْقُرَى ﴾(٦)، يعني مكّة، لأنها أول بناء بُني في الأرض، لقوله تعالى :﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ﴾(٧)، لأن الكعبة أول ما بني في الأرض، ثم
دحيت الأرض من تحتها، أي بسطت، وسميت بأم القرآن على هذا لأنها أول القرآن
وقيل : سميت بأم القرآن مأخوذ من أُمّ الشيء الذي هو أصله، ومنه تسمية الوالدة بالأم، لأنها أصل الولد، فسميت هذه السورة بأم القرآن على هذا، لأنها أصل العلوم ومنها توالد العلم، ولأجل هذا قال علي بن أبي طالب :" لو أردت أن أوقر(٨)
(٢) في جـ :" ومنه تسمّيته إماما، لتقدّمه بالجيش ".
(٣) في جـ :" أم ".
(٤) انظر مجمع البيان في تفسير القرآن لأبي علي الطبرسي، وضع حواشيه وخرّج آياته وشواهده : إبراهيم
شمس الدين، ١ : ٢٠، ط١، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٩٧ م.
(٥) ١٠) سورة الرعد، من الآية ٤٠.
(٦) ١١) سورة الشورى، من الآية ٥.
(٧) ١٢) سورة آل عمران، من الآية ٩٥.
(٨) قال الفيروزأبادي : الوقر : ثقل في الأذن..... ، ووقِر بالكسر : الحمل الثقيل ".
انظر القاموس المحيط، مادة " وقر "، ص ٤٤٤.