والوجه الثاني : أن هذه الحروف متولّدة عن هذه الحركات، إذ هي فروع والحركات أصول، فيستغنى بأصولهن عنهن، لأن الألف متولد ومتفرّع عن الفتحة والياء متولّدة ومتفرّعة(١)عن الكسرة، والواو متولّدة ومتفرّعة(٢)عن الضمة.
والوجه الثالث : أن هذه الحروف الثلاثة أكثر سائر الحروف في القرآن، والمقصود بالحذف التخفيف والاختصار، فلو أثبتت هذه الحروف في المصحف لكان المصحف كله ألفات وياءات وواوات.
قالوا(٣): وعدد ألفات القرآن على قراءة نافع، ثمانية وأربعون ألْفا وسبع مائة وأربعون ألِفا، وعدد الياءات خمسة وعشرون ألْفا وتسعمائة وتسع ياءات، وعدد الواوات خمسة وعشرون ألْفا وخمسمائة وست واوات. فلو أثبتت هذه الحروف كلها في المصحف لكان المصحف كله ألفات وياءات وواوات.
وأما أقسام الحذف عند أهل الرسم، فهي أربعة أقسام :
حذف اختصار، وحذف اقتصار، وحذف إشارة، وحذف اقتصار وإشارة.
فأما(٤)حذف اختصار، فمعناه : ما حذف منه الألف حيث ما ورد للاختصار والتخفيف كجموع السلامة وغيرها(٥).
وأما حذف اقتصار، فمعناه : ما حذف منه الألف في بعض المواضع دون بعض كـ ﴿ الْمِيعَدِ ﴾ في الأنفال(٦)و ﴿ الْكَفِرُ ﴾ في الرعد(٧).

(١) في جـ، ز :" متفرع ".
(٢) في جـ، ز :" متفرع ".
(٣) انظر : كشف الغمام عن ضبط مرسوم الإمام، لأبي بكر الحسن بن علي المنبهي الشهير بالشبّاني، لوحة
١٢٨، مخطوط محفوظ في الخزانة الحسنية، تحت رقم "٢١٤٢".
(٤) في جـ :" وأما ".
(٥) كالعالمين في قوله تعالى :﴿ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، كما سيتضح قريبا.
(٦) في قوله تعالى :﴿........ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَدِ....... ﴾، من الآية ٤٢.
(٧) في قوله تعالى :﴿....... وَسَيَعْلَمُ الْكَفِرُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾، من الآية ٤٣.


الصفحة التالية
Icon