وقوله :(( واللهمه )) الهاء التي بعد الميم في كلام الناظم هي هاء السكت والاستراحة(١)، واختلف العلماء في أصل هذا الاسم على قولين(٢):
قال البصريون أصله : يا الله فلما كثر استعماله خفف بحذف حرف النداء من أوله، ثم عُوّض بميم الجمع في آخره، وإنما شدّدت هذه الميم مع أن ميم الجمع خفيفة لا شديدة، ليقابل الحرفان بالحرفين، لأن حرف النداء حرفان والميم المشدّدة حرفان – أيضا –، فقوبل الحرفان بالحرفين.
وقال الكوفيون أصله : يا الله أُمّنا بخير، معناه أقصدنا بخير، فلما كثر استعماله خفّفت بحذف الجملة الأخيرة كلها، وهي قولك أمّنا بخير، وأبقيت الميم خاصّة من حروف الجملة، فضمّت إلى الله فصار اللهمّ.
ونظير هذا في الحذف قولهم : مُ الله وأصله أيمن الله، وقولهم : أيْشٍ هذا، وأصله : أي شيء، وقولهم : ويلمه، وأصله : ويل أمه، وقولهم : ألا تا، وأصله : ألا تركبون، وقولهم : ألا فا، أي ألا فاركبوا، ومنه قول الشاعر(٣):
نَادَوْهُمُ إِذِ الْجَمُوا أَلاَتَا؟ قَالُوا جَمِيعًا كُلُّهُمْ : أَلاَفَا
وقوله في الشطر الأول " ألا تا "، أي ألا تركبون، وقوله في الشطر الثاني :"ألا فا"، أي ألا فاركبوا، فاستغنى بحرف واحد عن الجملة، لكثرة استعمال هذا في كلامهم، ومن هذا قول الشاعر(٤):
النشر، ٢ : ٨٨.
(٢) انظر التعليقة على كتاب سيبويه لأبي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، تحقيق وتعليق عوض بن حمد الفوزي
١ : ٣٨٩ – ٣٤٤، مطبعة الأمانة، القاهرة.
(٣) هذا البيت من شواهد : أبي زيد الأنصاري في النوادر، ص ١٢٧، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، ١٨٩٤ م
وأبي عمرو الداني في المحكم، ص ٥٢.
(٤) الرجز بلا نسبة في لسان العرب، ٩ : ٣٥٩، " وقف "، ونسبه ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن للفراء،
ص ١٨٩، وفي المحتسب منسوب للوليد بن عقبة، ٢ : ٢٠٤.