قُلْنَا لَهَا قِفِي فَقَالَتْ : قَافِ
أي فقالت وقفت، فلما كثر استعمال هذا كلّه في كلامهم خففوه بالحذف. وقولهم : اللهم، هو من هذا لمّا كثر استعماله خففوه بالحذف، كما تقدّم في قول الكوفيين.
وضعّف البصريون مذهب الكوفيين(١)بثلاثة أوجه :
أحدها : كثرة الحذف.
الثاني : امتناع العطف، لأنه لا يقال : اللهم وارحمنا بالعطف، وإنما يقال : اللهم ارحمنا.
الثالث : أن هذا الأصل لا يرجع إليه في بعض الأحوال ؛ إذ لا يقال : اللهم أمنا بخير، ومن عادتهم في المخفّف الحذف في مثل هذا : أن ينطقوا بأصله في بعض الأحوال، كقولهم :"أيمن الله" في "مُ الله"، وغير ذلك مما تقدّم.
وضعّف الكوفيون مذهب البصريين، بأن قالوا :" لو كانت الميم عوضا من حرف النداء لما خار دخول حرف النداء على اللهم ؛ إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض منه، وقد جمع بين الميم وحرف النداء في هذا الاسم "، ومنه قول الشاعر(٢):
وَمَا عَلَيْكِ أَنْ تَقُولِي كُلَّمَا سَبَّحْتِ أَوْ هَلَّلْتِ : يَا اللَّهُمَّ مَا
ارْدُدْ عَلَيْنَا شَيْخَنَا مُسَلَّمًا فَإِنَّنَا مِنْ خَيْرِهِ لَنْ نَعْدَمَا
وقوله :(( كذاك لا خلاف بين الأمة )) البيت، أي كما اتفقوا على حذف ألف ﴿ الرَّحْمَانِ ﴾ كذلك اتفقوا على حذف ألف الله وألف اللهم، وهذا – أيضا – من الأحكام المطلقة كما قاله بعضهم.
واعترض قوله :(( في اسم الله )) بأن ظاهره يقتضي أن هذا اللفظ الذي هو الله لا يحذف إلا إذا اتصل باسم، نحو قوله تعالى في سورة النمل :{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ
(٢) هذان البيتان من شواهد : الأنباري في الإنصاف، ١ : ٣٤٢، والفراء في معاني القرآن، ١ : ٢٠٣.