مثال ذلك قوله تعالى :﴿ فَإِذَا هُم مِّنَ الاْجْدَاثِ ﴾(١)، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ أَنكَرَ الاْصْوَاتِ ﴾(٢)، وقوله تعالى :﴿ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ﴾(٣).
وإنما قلنا يتوهّم في هذا أنه جمع سلامة : لكونه مجموعا بالألف والتاء، وذلك شأن جمع المؤنث السّالم، ولكن هو جمع تكسير، وذلك أن مفرد ﴿ الاْجْدَاثِ ﴾ : جدث بالثاء المعجمة وهو القبر، وقد تبدل هذه الثاء فاء، فيقال : جدف، ويقال في جمع جدث أجداث، ولا يقال في جمع جدف أجداف، لأن هذا البدل مخصوص بمفرده دون جمعه، لأنه لم يسمع هذا البدل في جمعه، فيقولون :﴿ الاْجْدَاثِ ﴾ ولا يقولون الأجداف، قاله(٤)أبو الفتح ابن جني في سرّ الصناعة. فتبين بهذا أنه جمع تكسير.
وأما ﴿ الاْصْوَاتِ ﴾ فمفرده صوت. وأما ((الأبيات)) فمفرده بيت. وأما ((الأقوات)) فمفرده قوت، فهذه الألفاظ كلها جمع تكسير، وإن جُمعت بالألف والتاء لتغيّر مفردها في الجمع، ولأن التاء في جمعها أصلية وليس بزائدة.
وأما الألفاظ التي يتوهّم فيها أنها جمع سلامة وهي مفرد لا جمع، فهي :﴿ مَرْضَاتِ ﴾ و ﴿ التُّرَاثَ ﴾، كقوله تعالى :﴿ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ﴾(٥)، [ وقوله تعالى :﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ ﴾(٦).
أما ﴿ مَرْضَاتِ ﴾ فهو ](٧)مفرد لأن أصله : مرضوة على وزن مفعلّة، تحرك حرف العلّة وانفتح ما قبله(٨)فقلبت ألفا، فصار مرضات، والدليل على أن أصله الواو، لأنه من الرضوان.

(١) سورة يس، من الآية ٥٠.
(٢) سورة لقمان، من الآية ١٨.
(٣) سورة فصلت، من الآية ٩.
(٤) انظر سر الصناعة، ١: ٢٦٧.
(٥) سورة البقرة، من الآية ٢٦٤.
(٦) سورة الفجر، الآية ٢١.
(٧) ما بين المعقوفين سقط من " جـ ".
(٨) ١٠) في جـ :" ما قبلها ".


الصفحة التالية
Icon