أي ناقص الشرف والمنزلة والرفعة، وقوله : أخدج، أي مقطوع التمام ناقص الشرف – أيضا –، ومنه قوله - عليه السلام - :(( كل ركعة أو كل صلاة لم يُقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ))(١)أي ناقصة التمام ومقطوعة التمام، وقوله في اللفظ الآخر أبتر، أي مقطوع الشرف وناقص الشرف، ومنه قوله تعالى :﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاْبْتَرُ ﴾(٢)، أي هو الأقطع، وذلك أن أبا جهل(٣)لعنه الله يقول : إن محمدا - عليه السلام - تنقطع أوامره بموته، إذ لم يترك ولدا، فأخبر الله - عز وجل - أن هذا هو الأبتر(٤)، لأن كفره ينقطع بموته.
وأما معنى الحمد، فللمتكلمين فيه حدود وكلام فيه مقبول ومردود، وذكروا في حقيقته عشرين قولا :- قيل : الحمد هو الثناء، وقيل : الثناء الحسن، وقيل الثناء الكامل، وقيل : الثناء الحسن والذكر الجميل، وقيل : الثناء على المحمود بجميع المحامد الحسنة، وقيل : الثناء على المحمود بصفاته المحمودة، وقيل : الثناء على المحمود بصفاته المحمودة شرعا، وقيل : الثناء على المحمود بصفات الكمال ومحاسن الأمور من الأقوال والأفعال، وقيل : هو الشكر. قاله الطبري(٥)،

(١) أخرجه ابن ماجة في سننه، ١: ٢٧٤، رقم "٨٤٠"، عن عائشة، وبآخره "--- بأم الكتاب فهي خداج "،
وأخرجه الدارمي، تحقيق : فواز أحمد، وخالد السبع، ١: ٢٨٣، ط١، دار الكتاب العربي، بيروت.
(٢) سورة الكوثر، الآية ٣.
(٣) هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أشد عداوة للنبي - ﷺ - في صدر الإسلام، وأحد سادة
قريش وأبطالها. انظر : الطبقات الكبرى لمحمد بن سعيد الزهري، ٥ : ٤٤٤، دار صادر، بيروت.
(٤) ١٠) في ز :" أن قائل هذا هو الأبتر ".
(٥) انظر تفسير الطبري، ١ : ٥٩، دار الفكر، بيروت.
والطبري : هو محمد بن جرير بن يزيد، الإمام أبو جعفر الطبري، البغدادي أحد الأعلام، وصاحب
التفسير والتاريخ، ولد سنة ٢٢٤ هـ، من أهم مؤلفاته :"جامع البيان في تفسير القرآن"، "تاريخ الطبري"
توفي سنة ٣١٠ هـ. انظر غاية النهاية، ٢ : ١٠٦ – ١٠٨، الأعلام، ٦ : ٩٦.


الصفحة التالية
Icon