ومثال قوله :(( العظيم المنن ))، قولك :" مررت بالرجل الحسن الوجه "، فقولك :" الحسن " وصف جار على غير من هو له ؛ لأنه جار على الرجل في اللفظ، وهو في الحقيقة وصف للوجه ؛ لأن تقديره : مررت بالرجل ذي الوجه الحسن، ولكن لما حذف "ذي" من الكلام جرى الوصف على غير من هو له، فصار"مررت بالرجل الحسن الوجه"، فالوجه في الحقيقة هو فاعل بقولك الحسن ؛ لأن اسم الفاعل يعمل عمل الفعل ؛ لأن تقديره : مررت بالرجل الذي حسن وجهه، كقولك :" مررت برجل ضاحكة أمه "، " ومررت برجل جميلة أخته "، فضاحكة وجميلة في المثالين نعت جار على غير من هو له، وما بعده فاعل به، تقديره : ضحكت أمه، وجملت أخته.
فإن قلت : لم أدخل الناظم الألف واللام في المضاف في قوله :(( العظيم المنن )) مع أن الألف واللام لا تجتمع مع الإضافة ؟
قلنا : يجوز دخول الألف واللام هاهنا في المضاف ؛ لأن إضافته غير محضة، أي غير خالصة للإضافة ؛ لأن المضاف هنا أصله النعت كما تقدّم تقديره، والمضاف هاهنا أصله الرفع ؛ لأنه فاعل في الأصل، كما تقدّم لنا تقديره.
وقوله(١): (( المنن ))، معناه : العطايا ؛ لأن المنّ يطلق على ثلاثة معانٍ :
أحدها : الإعطاء، ومنه قوله تعالى :﴿ هَاذَا عَطَآؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾(٢)، أي فاعط يا سليمان أو أمسك بغير حساب عليك في الإعطاء و لا في الإمساك، وقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ﴾(٣)، أي ولا تعط يا محمد عطية فتعطى أكثر منها، وهذا مخصوص به - عليه السلام - ؛ لأنه مأمور بأجل الأخلاق وأعظمها.
(٢) سورة ص، الآية ٣٨.
(٣) سورة المدثر، الآية ٦.