أما الزمخشري(١) فقرر أولاً اتصالها، والمعنى: أفلا تبصرون أم تبصرون؟ إلا أنه وضع قوله ؟؟ ؟ موضع ؟ ؟؟؛ لأنهم إذا قالوا له: أنت خير، فهم عنده بصراء. ثم أجاز انقطاعها، والمعنى: بل أأنا خير، والهمزة للتقرير، وذلك أنه قدَّم تعديد أسباب الفضل والتقدم عليهم: من مُلك مصر، وجَرْي الأنهار تحته، ونادى بذلك، ومَلأَ به مسامعهم، ثم قال: أنا خير، كأنه يقول: أَثَبَتَ عندكم واستقر أني أنا خير، وهذه حالي.
والحقُّ الذي أراه أنَّ سيبويه قد ساق الآية تحت باب «أم» المنقطعة، وهي ثانيةُ آياتٍ ثلاث ساقها شواهد، ولم يقع خلاف في الأولى والثالثة على كونها منقطعة. وأمَّا آية فرعون - وهي الثانية - فالظاهرُ انقطاعُها وَفْق ضابط معنى الإضراب الذي لا يفارقها، وعدمِ إفادتها ما تفيده المتصلة في أيِّ الأمرين كائن، وهذا هو ظاهر بناءِ الآية ونَظْمها، ولذا حكم عليها أبو عبيدة(٢) والمبرد(٣) بالانقطاع.
وأمَّا كلام سيبويه فيأتي في سياق نَقْلِ حكاية فرعون وما تحتمله من أوجه في تفسيرها. وهذا الذي حمل أبا حيان وابن هشام على تقديرها متصلة.
كما وقف سيبويه على الواو في «وطائفة» من قوله تعالى: ؟ پ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ (آل عمران: ١٥٤) فقدَّرها واوَ الحال(٤)، وقال في معنى الآية: «يَغْشى طائفةً منكم وطائفةٌ في هذه الحال، كأنه قال: إذ طائفة في هذه الحال، فإنما جَعَله وقتاً، ولم يُرِدْ أن يجعلَها واوَ عطف، وإنما هي واو الابتداء».
وقد ذكر هذا التقديرَ ابن عطية في «المحرر»(٥)، ونسبه لسيبويه، والشوكاني(٦) وقال: «وجاز الابتداء بالنكرة لاعتمادها على واو الحال».
(٢) مجاز القرآن ٢/٢٠٤.
(٣) المقتضب ٣/٢٩٦.
(٤) الكتاب ١/٩٠.
(٥) المحرر ٣/٢٦٩.
(٦) فتح القدير ١/٣٩١.