وذهب الطبري(١) إلى أنَّ في الآية معنى الشرط، ففسَّر الآية بقوله: «مَنْ زنى من الرجال، أو زَنَتْ من النساء، فاجلدوه ضرباً مئة جلدة، فدخلت الفاء في الخبر لشِبْه المبتدأ بالشرط. وهذا تفسير الفراء في «معاني القرآن»(٢)، والمبرد(٣).
أما الأخفش فمذهبه في المسألة (٤): أن الاسم الموصول (الذي) إذا كان مبتدأ جاز أن تكون الجملة بعده خبرَه، نحو: ؟ٹ ؟ ؟ ؟؟ ؟ (النساء: ١٦)، وعلَّل ذلك بأن (الذي) إذا كانت صلته فعلاً جاز أن يكون خبره بالفاء، وأما قوله تعالى: ؟؟ ؟ ؟؟ (النور: ٢) فلا يجوز فيه ذلك، وأخذ بقول سيبويه. قال: «ليس في قوله ؟؟؟ خبر مبتدأ؛ لأنَّ خبر المبتدأ هكذا لا يكون بالفاء، لو قلت: عبد الله فينطلق» لم يَحْسُن، وإنما الخبر هو المضمر الذي فَسَّرْتُ لك من قوله: «ومما نَقُصُّ عليكم، كما
تقول: «الهلالُ فانظُرْ إليه»، كأنك قلت: هذا الهلالُ فانظر إليه، فأضمر الاسمَ».
أمَّا القرطبي(٥) فقدَّر معنى الآية: الزانية والزاني مَجْلُودَان بحكم الله، أو ينبغي أن يُجْلَدا. وبناءً على هذا لم يُقَدِّر جارّاً ومجروراً متقدماً، كما قدَّرَه سيبويه، ولم يقدِّر كذلك معنى الشرط كما قدَّره الطبري. ويأتي تقدير القرطبي على تقدير زيادة الفاء في قوله ؟ ؟؟.
وتجري المذاهب السابقة في تفسير قوله تعالى: ؟؟ ؟ ؟ ؟؟ (المائدة: ٣٨)(٦)، وفي تفسير قوله تعالى: ؟ٹ ؟ ؟ ؟؟ ؟ (النساء: ١٦)(٧).
(٢) معاني القرآن ٢/٢٤٤.
(٣) انظر: تفسير القرطبي ٣/٤٥٥٢.
(٤) معاني القرآن ١/٨٠.
(٥) تفسير القرطبي ٧/٤٥٥٢.
(٦) انظر: الكتاب ١/١٤٢.
(٧) اعتمد النحاس قول سيبويه في معاني القرآن ٢/٣٠٤.