وكان أصحابُ هذه المدارس يعودون في تفسيرهم إلى: القرآن، والسنة، ومنطوق اللغة، والاستدلال، والاستنباط(١). وقد شهدت هذه المدارسُ بواكيرَ تدوينِ التفسير لدى التابعين، وتَرَكَ أعلامُها طائفةً من الإملاءات والمصنفات التي تُنْسَبُ عادةً لأصحابها. ومن هذه التفاسير: ما أملاه مجاهد (١٠٤) وهو القائل(٢): «استفرغَ علمي التفسيرُ»، وما أملاه الحسن البصري (١١٠)، وكتب(٣) سعيد بن أبي عروبة (١٥٦) التفسير عن قتادة (١١٧).
ومن هذه التفاسير (٤) : تفسير السُّدي (١٢٨) وتفسير مقاتل بن سليمان (١٥٠)، وتفسير ابن جريج (١٥٠)، وتفسير شعبة بن الحجاج (١٦٠)، وتفسير سفيان الثوري (١٦١)، وتفسير وكيع (١٩٧)، وتفسير سفيان بن عُيينة (١٩٨).
ويبقى تعيين التفسير السابق إلى وَصْفِه بأنه التفسير الشامل للقرآن الكريم بحسب ترتيب سوره، صعباً(٥)؛ لأنَّ بعضَ هذه التفاسير قد لا يتجاوز سوراً معينة.
ومع مرور الأيام، ودخولِ أقوام في هذا الدينِ لا يُتقنون العربية، تشتد الحاجة إلى بيان معاني التنزيل الحكيم، وإلى تدوين هذا البيان لتعمَّ فائدته.
وقد أخذ تدوينُ التفسير مَنْحَيين (٦) : الأول تفسيرٌ قائم برأسه لا يخالِطُه عِلْم آخر، والثاني: تفسير يُعَدُّ باباً من أبواب الحديث الشريف الذي نَشِط العلماء لتدوينه، في القرن الثاني.
وقد وضع علماءُ الأمة شروطاً للمفسِّر، يأتي على رأسها أنه لا يجوزُ لأحد أن يتكلم في كتاب الله من غير عِلْمٍ بلغات العرب وأساليبهم. وبيَّن ابن فارس(٧) أهمية العلم بلغة العرب.
(٢) انظر: غاية النهاية ٢/٤٢.
(٣) سير أعلام النبلاء ٦/٤١٧.
(٤) انظر: الإتقان ٤/٢٠٨.
(٥) انظر: التفسير والمفسرون ١/١٠٠.
(٦) انظر: التفسير والمفسرون ١/٩٧.
(٧) الصاحبي ٦٥. وانظر: الإتقان ٤/١٨٥.