أما الطبري(١) فقد نقل مذهب سيبويه المتقدم، ولكنه نسبه إلى بعض نحويي البصرة، ثم فسَّر الآية تفسير معنى، ولم يلتفت إلى الجانب الصناعي، فقال: «أيها القائلون: الله ثالث ثلاثة، انتهوا عمَّا تقولون من الزُّور والشرك بالله؛ فإن الانتهاءَ عن ذلك خيرٌ لكم مِنْ قِيلِه».
وكان سيبويه يُعْنى بتقدير المحذوف، ومن ذلك تقديره المفعول الأول المحذوف في قوله تعالى: ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ (آل عمران: ١٨٠)، قال(٢): «كأنه قال: ولا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيراً لهم، ولم يذكر البخل؛ اجتزاءً بعلم المخاطب بأنه البخل لذِكْره (يبخلون)».
ومن ذلك: تقديرُه اسم «أن» المخففة من الثقيلة في قوله تعالى:
« والخامسةُ أَنْ غَضَبُ الله عليها » (النور: ٩)، قال(٣): «فكأنه قال: أَنَّه غَضَبُ الله عليها».
كما قدَّر المبتدأ المحذوف في قوله تعالى: ؟ ے ے؟ ؟ (يوسف: ٨٣): «كأنه يقول: الأمر صبر جميل»(٤).
كما قدَّر الفعل المحذوف في قراءة «وكذلك زُيِّنَ لكثير من المشركين قَتْلُ أولادِهم شركاؤُهم»(٥) (الأنعام: ١٣٧) بقوله(٦): «أي: زيَّنه شركاؤهم».
وقدَّر(٧) الفعل المحذوف في قوله: ؟ پ ؟ ؟ ؟ ؟؟ (البقرة: ١٣٥) بقوله: «أي: بل نَتَّبع».
كما قدَّر(٨) الفعل المحذوف من قوله تعالى: ؟ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک ؟ (الزمر: ٣) أي: قالوا: ما نعبدهم.
وقدَّر(٩) «يا» قبل قوله ؟ ؟ ؟ من قوله تعالى: ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ (الزمر: ٤٦).
وقدَّر(١٠) علامة الإضمار مِنْ قوله تعالى: ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ (النمل: ٨٧)، فالأصل: وكلُّهم أَتَوه.

(١) جامع البيان ٧/٦٩٩.
(٢) الكتاب ٢/٣٩١.
(٣) الكتاب ٣/١٦٣، وهي قراءة يعقوب والحسن. انظر: غاية الاختصار ٥٨٧، النشر ٢/٣٣٠، الإتحاف ٢/٢٩٣.
(٤) الكتاب ١/٣٢١.
(٥) وهي قراءة أبي عبد الرحمن السلمي والحسن. انظر: البحر ٤/٢٢٩.
(٦) الكتاب ١/٢٩٠.
(٧) الكتاب ٣/٢٥٧.
(٨) الكتاب ٣/١٤٣.
(٩) الكتاب ٢/١٩٦. وانظر: معاني القرآن للنحاس ٢/١١١.
(١٠) الكتاب ٢/١٧٩.


الصفحة التالية
Icon