«أحدهما: أن يشرك الآخرُ الأولَ. والثاني: على قولك: دَعْني ولا أعودُ، أي: فإني ممَّن لا يعودُ، فإنما يَسْأل التَّرْكَ، وقد أوجب على نفسه أنْ لا عودةَ له البتة، تُرِك أو لم يُترك، ولم يُرِدْ أن يَسْأل أن يجتمع له التركُ وألاَّ يعود».
واستشكل بعضهم - كما نقل مكي(١) – قول سيبويه؛ لأنَّ الكذبَ لا يجوز وقوعه في الآخرة، إنما يجوز في الدنيا. وأجاب عن ذلك: بأنَّ قولَه: ؟؟ ؟؟ أي: كاذبون في الدنيا في تكذيبهم الرسلَ وإنكارهم البعث، فيكونُ ذلك حكاية للحال التي كانوا عليها في الدنيا.
وقد أخذ علماء توجيه القراءات بالوجهين اللذين ذكرهما سيبويه في تخريج القراءة المذكورة(٢).
وسأل سيبويه(٣) أستاذه الخليل عن قراءة كسر ژ ھ ژ مِن قوله تعالى: ؟؟ ؟ ھ ؟ ؟ ؟ ؟؟ (الأنعام: ١٠٩)، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأحد الوجهين عن أبي بكر عن عاصم(٤): ما منعها أن تكون كقولك: ما يدريك أنه لا يفعل؟ فقال: لا يَحْسُن ذا في ذا الموضع، إنما قال: ؟؟ ؟؟، ثم ابتدأ فأوجب فقال: ؟ ھ ؟ ؟ ؟ ؟؟، ولو قال: ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ كان ذلك عذراً لهم».
وشرح الفارسي في «الحجة»(٥) كلامَ الخليل فقال: «ولو فتح (أن)، وجعلها التي في نحو: «بلغني أن زيداً منطلق» لكان عذراً لمن أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون؛ لأنه إذا قال القائل: إن زيداً لا يؤمن، فقلت: ما يدريك أنه لا يؤمن؟ فالمعنى: أنه يؤمن. وإذا كان كذلك، كان عذراً لمن نَفَى الإيمان
عنه».
وسأل سيبويه(٦) الخليل عن قراءة باقي السبعة ؟ ؟؟ بفتح الهمزة في الآية نفسها، فأجابه: هي بمنزلة قول العرب: «ائت السوق أنَّك تشتري لنا شيئاً» أي: «لعلك»، فكأنه قال: لعلها إذا جاءت لا يؤمنون.
(٢) انظر: الحجة للفارسي ٣/٢٩٤، والحجة لابن زنجلة ٢٤٥، والموضح ١/٤٦٤.
(٣) الكتاب ٣/١٢٣.
(٤) انظر: السبعة ٢٦٥، التيسير ١٠٦، النشر ٢/٢٥٢.
(٥) الحجة ٣/٣٧٨.
(٦) الكتاب ٣/١٢٣.