٤- قال سيبويه(١): «وبَلَغَنا عن بعض المفسرين أن قوله عزَّ وجلّ «اهْبِطُوا مِصْرَ» (البقرة: ٦١)(٢) إنما أراد مِصْرَ بعينها».
ويبقى في هذه المقدمة أن نشير إلى أن سيبويه غنيٌّ عن التعريف، وترجمته معروفة تُغْنينا عن الإسهاب في ذلك، وهو(٣): أبو بشر عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، فارسي الأصل، واستقرَّ في البصْرة، درس الحديث والفقه، وأخذ العلم عن الخليل وأبي الخطاب الأخفش الأكبر، والقارئ يعقوب الحضرمي، ويونس ابن حبيب، وأبي عمرو بن العلاء، وتوفي سنة ١٨٠ه.
وقد أجمع أهلُ العلم على أهمية كتابه. ومن الطبيعي أن يَلْقَى قارئ كتابه صعوبة في أسلوبه؛ لأنه ينتمي إلى مرحلة مبكرة من مراحل التأليف اللغوي، فالمصطلحات لم تستقرَّ بعد، والقراءة في عباراته تحتاج إلى تمرُّس ودُرْبة؛ وذلك لأن التأليف في فنه ما يزال في نشأته.
ويأتي هذا البحث بعد مقدمته في ستة مباحث:
المبحث الأول: تفسير سيبويه بعضَ مفردات القرآن.
المبحث الثاني: بواكير التفسير التحليلي عند سيبويه.
المبحث الثالث: التفسير بتقدير المحذوف عند سيبويه.
المبحث الرابع: تفسير سيبويه الآيات المشكلة.
المبحث الخامس: توجيه القراءات عند سيبويه.
المبحث السادس: حوار سيبويه مع علماء عصره في مسائل من التفسير.
المبحث الأول: تفسير سيبويه بعضَ مفرداتِ القرآن
أ - الأفعال:
(٢) هي قراءة الحسن والأعمش وآخرين. انظر: البحر ١/٢٣٤.
(٣) انظر في ترجمته: تاريخ بغداد ١٢/١٩٥، طبقات النحويين للزبيدي ٦٦، وإنباه الرواة ٢/٣٤٦، ومعجم الأدباء ٥/٢١٢٢، والبغية ٢/٢٢٩.