الفعل في العربية هو القسم الأول من أقسام الكلمة(١)، وللأفعال من مفردات ألفاظ القرآن نصيب واسع. وقد تحدَّث سيبويه في كتابه عن طائفة من الأفعال التي وردت في القرآن الكريم، من حيث أوجهُ ضبطها بالحركات ومعناها، وتضمينُ هذا المعنى معنى فعلٍ آخر، وصاغ قواعد في ذلك، كما أشار إلى تصريفها، وعُني بتقديرها إن حُذِفَتْ من السياق وذلك على المذهب الذي اختاره.
بَيْدَ أن الذي يَعْنينا في هذا المبحث أن نرصد حديث سيبويه عن بعض الأفعال القرآنية التي خصَّها بشيء من التفسير من خلال دلالتها في الآية.
ومن ذلك: أنه وقف على قوله تعالى: ؟ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ؟ (البقرة: ٦٥)، وعلى قوله تعالى: ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ (الأنفال: ٦٠)، وقرر أن الفعل «علم» في الآيتين تَضَمَّنَ معنى عَرَف، ثم وضع ضابطاً مفيداً في ذلك، فقال(٢): «وقد يكون «علمتُ» بمنزلة عَرَفْتُ، لا تريد إلا عِلْم الأول، فمن ذلك...» وقد شرح السيرافي(٣) كلامه بقوله: «علمت» إذا أرَدْت به معرفة ذات الاسم، ولم تكن عارفاً به من قبل، كقولك: «علمتُ زيداً أي: عَرَفْتُه، ولم أكن أعرفُه من قبلُ، وليس بمنزلة قولك: «علمتُ زيداً قائماً» إذا أَخْبَرْتَ عن معرفتِك بقيامه، وكنتَ عارفاً من قبل».
ولمَّا فسَّر الطبري آية البقرة المتقدمة فَسَّرها كتفسير سيبويه، ثم استشهد عليها بآية الأنفال، صنيعَ سيبويه، إذ قال(٤): «يعني بقوله ؟ ژ ژ ڑ ؟ ولقد عرفتم، كقولك: قد علمتُ أخاك ولم أكن أعلمه، يعني عرفتُه، ولم أكن أعرفه، كما قال: ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ يعني لا تعرفونهم الله يعرفهم».
(٢) الكتاب ١/٤٠.
(٣) شرح كتاب سيبويه للسيرافي ٢/٣١٧، وانظر: المفردات للراغب ٥٨٠، والدر المصون ١/٤١٣.
(٤) جامع البيان ٢/٥٩.