وذهب آخرون إلى أن الاستفهام فيه على بابه فهو حقيقيٌّ، والمعنى: أتَدَبَّرْت(١)، أو أتأمَّلْتَ(٢).
وسأل سيبويه(٣) أستاذَه الخليل عن قوله تعالى: ؟ ؟ ؟ ؟ ٹ ٹ - ٹ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ (الفرقان: ٦٨، ٦٩): ما سببُ مجيء الفعل «يُضاعَفْ» مجزوماً؟ فأجابه الخليل: «هذا كالأول - أي بدل منه - لأنَّ مضاعفةَ العذاب هو لُقِيُّ الآثام» فشرح له وجهَ مطابقة المعنى بين البدلِ والمبدلِ منه، وهذا هو التفسير الذي يعتمده جمهور المفسرين.
وفسَّر سيبويه(٤) «كان» بمعنى وقع في قوله تعالى: ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ (البقرة: ٢٨٠). «كان» في هذا السياق اكتفت بفاعلها.
وثمة أسلوب قرآني يبدو في مجيء الجار والمجرور بعد الإرادة أو الأمر نحو: ؟؟ ؟ ؟؟ (النساء: ٢٦) ونحو: ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ (الزمر: ١٢) وقد سأل سيبويه(٥) الخليلَ عن هذا الأسلوب ففسَّره له - وسوف تجد مبحثاً عن أهمية الحوار بين سيبويه وعلماء عصره في قضايا التفسير - بتقدير الفعل الذي قبل اللام بمصدرٍ مبتدأ، والجارُّ بعده خبره. والمعنى: إرادة الله للتبيين أو للأمر.
وينجم عن هذا التقدير مسألةٌ تَغُضُّ من شأن الصناعة؛ لأنَّ فيه تأويل الفعل بمصدر من غير حرف مصدري.
وذهب الفراء(٦) إلى أنَّ اللام في موضع «أنْ».
وذهب الزمخشري(٧) إلى ما هو قريب في المعنى من مذهب الفراء، فالتبيينُ نفسُه في الآية الأولى هو مفعول الإرادة، واللامُ زائدة مؤكدة لإرادة
التبيين.
وذهب البصريون(٨) إلى أنَّ المعنى: يريد الله تحريمَ ما حرَّم، وتحليل ما حلّل، وتشريعَ ما تقدَّم؛ لأجل التبيين لكم، فمفعول «يريد» محذوف.
(٢) المحرر الوجيز ١٠/٣١٧.
(٣) الكتاب ٣/٨٧.
(٤) الكتاب ١/٢٦٠.
(٥) الكتاب ٣/١٦١.
(٦) معاني القرآن ١/٢٦١.
(٧) الكشاف ١/٥٠١.
(٨) انظر: الدر المصون ٣/٦٥٩.