وأنت يا محمد ما كنت حاضرا مع أخوة يوسف، وقت أن أجمعوا أمرهم للمكر به، وللاعتداء عليه، وقد أخبرناك بذلك للاعتبار والاتعاظ.
ونرى مثل هذا المعنى أيضا وهو الدلالة على أن هذا القرآن من عند الله تعالى وحده ما قصه سبحانه علينا بعد حديث طويل عن جانب من قصة موسى عليه السلام، وعن جانب من قصة مريم.
أما بالنسبة لقصة موسى عليه السلام فقد قال سبحانه:[﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ "٤٤" وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ "٤٥" وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا.. "٤٦"﴾ (سورة القصص: الآيات ٤٤ ـ٤٦)]
أي: لم تكن يا محمد حاضرا وقت أن كلفنا أخاك موسى بحمل رسالتنا، وكان ذلك عند الجانب الغربي لجبل الطور، ولم تكن أيضا من المشاهدين لما أوحيناه إليه، ولكنا أخبرناك بذلك بعد أن خلت بينك وبين موسى أزمان طويلة.
ولم تكن أيضا مقيما في أهل مدين، وقت أن حدث ما حدث بين موسى عليه السلام وبين الشيخ الكبير وابنتيه من محاورات..
ولم تكن كذلك بجانب جبل الطور وقت أن نادينا أخاك موسى، وأنزلنا إليه التوراة لتكون هداية ونورا لقومه.
فالمقصود بهذه الآيات الكريمة بيان أن هذا القرآن من عند الله تعالى، وأن الرسول - ﷺ - لم يكن عالما بتلك الأحداث السابقة، وإنما أخبره الله تعالى بها عن طريق قرآنه الكريم، ووحيه الصادق الأمين.


الصفحة التالية
Icon