وإنْ رأيت الخطاب في القرآن لموسى بمفرده، فاعلم أن هارون مُلاحَظ فيه، ومن ذلك لما دعا موسى على قوم فرعون، فقال:﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَ ى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَ ى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّ ى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ ﴾[يونس: ٨٨].
فالذي دعا موسى، ومع ذلك لما أجابه ربه قال:﴿ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا... ﴾[يونس: ٨٩] وهذا دليل على أن هارون لم يكن رسولاً من باطن موسى، إنما من الحق سبحانه، وأيضاً دليل على أن المؤمِّن على الدعاء كالداعي، فكان موسى يدعو وهارون يقول: آمين.
ولما ذهب موسى لميقات ربه قال لأخيه﴿ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي... ﴾[الأعراف: ١٤٢] وفي غيبة موسى حدثتْ مسألة العجل، وغضب موسى من أخيه هارون، فلما هدأتْ بينهما الأمور حدث تخصيص في رسالة كل منهما، فأعطى هارون (الحبورة) والحَبْر: هو العالم الذي يُعَد مرجعاً، كما أُعطِي (القربان) أي: التقرب إلى الله.
وعندها غضب قارون؛ لأنه خرج من هذه المسألة صَفْر اليدين، وامتاز عنه أولاد عمومته بالرسالة والمنزلة، رغم ما كان عنده من أموال كثيرة.
ثم إن موسى - عليه السلام - طلب من قارون زكاة ماله، دينار في كل ألف دينار، ودرهم في كل ألف درهم، فرفض قارون وامتنع، بل وألَّبَ الناس ضد موسى - عليه السلام.
ثم دبَّر له فضيحة؛ ليصرف الناس عنه، حيث أغرى امرأة بغياً فأعطاها طِسْتاً بالذهب، على أن تدَّعي على موسى وتتهمه، فجاء موسى عليه


الصفحة التالية
Icon