"فأعرضوا" أي: فأعرضوا عن نصح الناصحين، وجحدوا نعم الله، فكانت نتيجة ذلك، أن أرسل الله تعالى عليهم السيل المدمر، وتحولت البساتين اليانعة إلى أماكن ليس فيها سوى الثمار والأشجار التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
هذا الذي فعلناه بهم، سببه جحودهم وبطرهم، ومن سنتنا أننا لا نعاقب بهذا العقاب الرادع إلا من جحد نعمنا، وفسق عن أمرنا.
والمتدبر للقرآن الكريم يراه قد ساق لنا كثيرا من قصص الجاحدين، ثم بين لنا سوء مصيرهم. ومن ذلك أنه سبحانه بعد أن ذكر لنا جانبا من قصص نوح وإبراهيم ولوط، وشعيب، وهود، وصالح وموسى.. مع أقوامهم، عقب على ذلك بقوله تعالى: [﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ (سورة العنكبوت: ٤٠)]
أي: فكلا من هؤلاء المذكورين كقوم نوح وإبراهيم ولوط.. أخذناه وأهلكناه، بسبب ذنوبه التي أصر عليها ولم يرجع عنها. فمنهم من أرسلنا عليه "حاصبا" أي ريحا شديدة رمته بالحصاة كقوم لوط عليه السلام.
ومنهم من أخذته الصيحة الشديدة المهلكة كقوم صالح وشعيب عليهما السلام ومنهم من خسفنا به الأرض وهو قارون.
ومنهم من أغرقناه كما فعلنا مع قوم نوح ومع فرعون وقومه. وما كان الله تعالى مريدا لظلمهم، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم، وأوردوها موارد المهالك، بسبب إصرارهم على كفرهم وجحودهم.