المطلب الثالث
محل الجزاء ومقداره والعبرة من قصة قارون (١)
قال تعالى :
﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤) ﴾
المناسبة :
بعد أن ذكر سبحانه قول أهل العلم بالدين : ثواب اللّه خير - أعقب ذلك بذكر محل هذا الجزاء، وهو الدار الآخرة وجعله لعباده المؤمنين المتواضعين، الذين لا يترفعون على الناس، ولا يتجبرون عليهم، ولا يفسدون فيهم، بأخذ أموالهم بغير حق، ثم بين بعدئذ ما يحدث فى هذه الدار جزاء على الأعمال فى الدنيا، فذكر أن جزاء الحسنة عشرة أضعافها إلى سبعمائة ضعف إلى ما لا يحيط به إلا علام الغيوب، فضلا من اللّه ورحمة وجزاء السيئة مثلها، لطفا منه بعباده، وشفقة عليهم. (٢).
التفسير والبيان :
قوله تعالى :« تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً.. ». هو تعقيب على هذه القصة، التي كان مدار حركتها
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٠ / ٩٤)