أسراره سر عذبها... فَسُرَّ مُحيَّاهُ بِمِثْلِ حيَا القّطْرِ
ستُحمي معانيهِ مغاني(١) قبُولِها... لإقبالِها بين الطلاقة والبِشْرِ
وتُطْلِعُ آياتِ الكتاب آياتُها... فتَبْسِمُ عن ثغْرٍ وما [غابَ](٢)

(١) في نسخة ج ]معافي[ والصواب ما ذكرناه كما في نسخة (أ، ب).
(٢) في نسخة (أ، ج) ]خاب[ والصواب ما ذكرناه كما في نسخة (ب).
وقول الناظم: ((ستحيي الخ)) المعاني جمع المعنى وهو ما يُعنى به اللفظ ويُقصد، والمغاني جمع مغنى وهو المنزل الذي غنى به أهله أي أقاموا فيه، والقبول مصدر الشيء وقبِل الشيء إذا رضيَهُ، والطلاقة بفتح الطاء مصدر طلق وهو انبساط الوجه ويكنى بها عن السرور والبشر حسن الوجه الناشئ عن السرور أنظر بشير اليسر ص١١ وترتيب القاموس ج٣ ص٩٠.
ومعناه: أن هذا كناية عن تسهيل الله لناظمه على جميع الآيات وستحيي هذه المعاني النفوس لسهولة وصولها إليها بألفاظ عذبة وأساليب بديعة.
وقول الناظم: ((وتطلع آيات الخ)) تطلع أي تظهر من اطلع الشيء إذ أظهره والكتاب القرآن وآياتها جمع آية وهي العلامة وقصرت همزتها للضرورة فتبسم تكشف والثغر الفم أو الأسنان أو مقدمها وبطبق على الموضع المخوف وهو هنا مستعار لمواضع الشبه. أنظر بشير اليسر ص١٢ وترتيب القاموس ١/ ٤٠٨.
والمعنى: وتُظهر علامات هذه القصيدة ورمزها التي سأُبينها آيات القرآن الكريم من حيث بيان عددها اتفاقاً واختلافاً فتكشف هذه العلامات والرموز عن كل معنى حسن يشبه ثغر الحسناء فتزداد به حيناً كما تزداد الحسناء بابتسامتها حسناً على حسن.
وقوله: (( ما غاب عن ثغر)) أي توضح مذ ذلك كل ما خفي من مشكلات هذا العلم.
وقول الناظم: ((وتنظم الخ)) تنظم من النظم وهو جمع اللؤلؤ والمراد به هنا مطلق جمع والأزواج جمع زوج والمراد به هنا الصنف، وتثير: تحرك، والمعادن جمع معدن وهو مركز الشيء ومنه (جنَّات عدن) ويطلق المعدن على الذهب والفضة ونحوهما، تخيَّرَها آثرها وفضَّلها على غيرها، والقرون جمع قرن ويطلق على الزمن ومدنه مائة سنة على المشهور ويطلق على أهل العصر الواحد المجتمعين فيه لاقتران بعضهم ببعض والمراد بخير القرون الصحابة رضي الله عنهم، والتبر: الذهب غير المضروب أنظر بشير اليسرص١٢ وترتيب القاموس ج١ ص٣٥٦.
ومعنى البيت: شروع من الناظم في مقدمات هذا الفن يعني أن هذه القصيدة تجمع إلى بيان عدد من آي الكتاب أصنافاً من القواعد المهمة تؤدي إلى معانٍ شريفة اهتم بها خير القرون وهم أهل القرن الأول وآثروها على الذهب الخالص لعظم شأنها وبقاء أجرها.
وفي البيت إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير القرون قرني ثم الذين يتلونهم)) الحديث وترغيب في معرفة هذا الفن والاهتمام به تأسيساً بالسلف الصالح الذين هم خير القرون.
وقول الناظم ((هم بحروف الخ)) الذكر: القرآن، آثروا: صاروا ذوي ثراء وغِنى، فالهمزة للصيرورة أي صاروا ذوي ثَراء والكُثر بضم الكاف صفة للأعداد وهو جمع الأكثر كحمر جمع الأحمر بمعنى الكثير أنظر لوامع البدر وترتيب القاموس ج١ ص٤٠٣.
ومعنى البيت: أن الناظم بين في هذا البيت مدى اهتمام الصحابة بمعرفة عدد حروف القرآن وكلماته وآياته وأنهم بمعرفة ذلك كله صاروا ذوي ثروة علمية أكسبتهم شرفاً ونبلاً وثروةً واسعةً في الأجر عن الله تعالى، فإن الحافز لهم على معرفة هذا إنما هو اهتمامهم بالقرآن من جميع نواحيه وحرصهم على أن لا يسقط منه حرف أو تضيع منه كلمة فضلاً عن الآية، والخلاصة أن السلف اهتموا ببيان عدد آي من القرآن وحروفه وأن ذلك منهم راجع إلى شدَّة حرصهم على المحافظة على القرآن الكريم وعكوفهم على العمل به وبيان فوائده وقد تكلم الشارح عليها في منفصل منفرد بها.
وقول الناظم: ((وهاموا بعقد الآي الخ)) هام يهيم هيماناً أحب وفي القاموس هو صاب المرأة والمراد به هنا مطلق المحبة، والعَقْد المراد عقد الأصابع للتعداد بضم إصبع للإشارة إلى الواحد والأصبعين للإشارة إلى الإثنين وهكذا إلى الخمسة ثم يرفع الخنصر للإشارة إلى الستة ثم البنصر وهكذا يُقال لهذا أعداد الأعراب والنساء وذلك لمعرفة عدد الآي، والحض: الحث والتحريض، والحظ: النصيب، والمثرى: المغنى. أنظر لوامع البدر وترتيب القاموس ج١ ص١٠٢ وج٤ ص٥٥٧.
ومعنى البيت أن الناظم بين في هذا البيت سبب التعداد وهو ترغيب رسول الله ﷺ وحضه إياهم على تحصيل ثواب عدد خاص من الآيات في الصلاة وتعيين ذلك العدد سبب للفوز بثواب كثير ففي الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في صلاة الصبح بالستين إلى المائة إلى غير ذلك من الأحاديث التي ذكرها الشارح في الفصل السابق.
وقول الناظم: ((وقد صح عنه أن الخ)) الإحراز جعل الشيء في حرز والمراد به هنا الحفظ، والكوماء: الناقة السمينة العظيمة السنام، والحمر جمع حمراء وكانت العرب تفضل هذا النوع من الإبل على غيره من المال. أنظر بشير اليسر ١٤ وترتيب القاموس ج٤ ص١٢.
ومعنى البيت: أن الناظم رحمه الله أشار إلى بعض الأحاديث الواردة عن رسول الله ﷺ في عدِّ آي القرآن الكريم فقد ثبت أن تعلُّم آية من كتاب الله تعالى أفضل من ناقة سمينة عظيمة السنام كائنة من الإبل الحمر التي هي خير أموال العرب.
ومن ذلك ما روي عن عقبة بن عامر الذي ذكره الشارح ضمن الأحاديث التي أوردها في الفصل الثاني.
وقول الناظم: ((وقد صح في السبع الخ)) السبع المثاني: هي الفاتحة سميت بذلك لأنه سبع آيات وتثنى وتكرر على الصلاة، لاح: ظهر، ترتيب القاموس ج٤ ص١٨١ ولوامع البدر/ مخطوط.
ومعنى هذا البيت أن الناظم بين أثراً آخر عن رسول الله ﷺ وهو ما صح عن رسول الله ﷺ بسند صحيح في عدِّ آيات فاتحة الكتاب بأصابعه المباركة وتعيين مواضعها وذلك فيما روي عن أم سلمة وذكره الشارح أيضاً في الفصل الثاني وثبت أيضاً في غير الفاتحة من الآيات والسور أسانيد ظهرت كظهور الفجر، ومنها ما ورد عن زرِّ بن حبيش عن أُبيّ بن كعب إلى آخر ما ذكره الشارح في الفصل الثاني.


الصفحة التالية
Icon