قد يقول قائل: لماذا لا أقول في أغطش وأنا لم أرجع: لعل المراد كذا؟ نقول: الأمر إذا لم تجزم بأن هذا هو مراد الله -جل وعلا- من هذه الآية أو من هذه الكلمة وجئت بحرف الترجي، وأنت في مجال بحث ولست عند عوام، بل عند طلاب علم، تبحثون لعل المراد كذا، لعل المراد كذا، لا مانع، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ذكر السبعين الألف، الصحابة قالوا: لعلهم كذا، لعلهم كذا، لعلهم كذا، فخرج إليهم ولم يثرب عليهم، هو ما فيهم ولا واحد أصاب، ولا ثرَّب عليهم، لماذا؟ لأنهم جاءوا بحرف الترجي، فإذا قلت: لعل المراد كذا من غير إصرار، فالذي يظهر أن الأمر فيه سعة، لكن الإشكال في الجزم والقول على الله بلا علم، وهذا يدخل في حيز الكذب على الله -جل وعلا-؛ لأنك قولته ما لم يقل، حملت كلامه ما لا يحتمل.
طيب نقف هنا؛ لأن الموضوع الآتي المكي والمدني قد يحتاج إلى طول، والأسئلة كثيرة، ونأخذ منها ما يتيسر.
يقول السائل: قال السيوطي: إن أول من ألف في علوم القرآن البلقيني، ولم يذكر الزركشي مع أنه نقل منه في كتابه الإتقان، فكيف يكون ذلك منه؟
هو في أول الأمر لم يقف على البرهان، عند كتابته الأولى للتحبير لم يقف على البرهان، وعند كتابته للإتقان وقف على البرهان، وذكره في مقدمته، ذكره في مقدمته قال: "ثم وقفت على كتابٍ لبرهان الدين الزركشي، وفيه من الأنواع ما يقرب من الخمسين، سبعة أو ثمانية وأربعين نوعاً، وذكر الأنواع وأفاد منه، فهو في موضع لم يقف عليه، ثم وقف عليه بعد ذلك، ولا يمنع أن يكون الإنسان ينفي في وقت ويثبت في وقت، مع انفكاك الجهة، يعني مع إمكان حمل النفي على حال والإثبات على حال، هذا ممكن، نعم، لأنه وقف على البرهان ونقل منه، ونقل مقدمته، وأشاد به في مقدمة الإتقان، نعم.
يقول السائل: ترجمة القرآن بالإشارة للبكم هل هي معدودة في الترجمة الحرفية للقرآن؟
أقول: أهل العلم يختلفون في الجرأة وضدها، يختلفون في الجرأة وضدها منهم من يصون الرواة عن الخطأ فإذا وقع بينهم اختلاف لا سيما إذا كان الاختلاف مؤثراً يقول بتعدد القصة، أو بتعدد النزول كما هنا، ومنهم من لديه الجرأة بحيث لا يتردد في تخطئة الرواة وتوهيمهم، فيحكم على الراوي بالوهم وإن أمكن حمل كلامه على وجه صحيح، وأقول: المطلوب لا هذا ولا ذاك، المطلوب التوسط، نعم إذا وجد تعارض لا يمكن الإجابة عنه فلا بد ولا محيد من الحكم على الراوي المرجوح بأن ما يقوله شاذ، وما ينقله الراجح هو المحفوظ، لا بد من هذا، لكن لا نهجم على كل شيء، ولا تزيد عندنا الجرأة بحيث نهجم على الأحاديث الصحيحة، وكم من حديث في الصحيح هجم عليه بعضهم وحكموا بوهم راويه مع إمكان التوجيه، وأنا عندي من أبعد أو من أقوى ما قيل في أحاديث الصحيح حديث: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) وهذا أطبقوا على أنه مقلوب، والقلب ضعف، نعم، وأقول: يمكن توجيهه، أقول: صيانة للصحيح يمكن توجيهه؛ لأنه ثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ما يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) عن يمينه وشماله، ومن أمامه ومن خلفه، فالإنسان قد يضطر إلى أن ينفق باليمين وهذا هو الأصل، وقد يضطر لكثرة السائلين أو طلباً للإخلاص نعم، لوجود من هو جالس على يمنيه أن ينفق بالشمال لإخفائه، ولا يمنع من ذلك مانع، فيكون هذا محفوظ وذاك محفوظ، وأنا أقول: مثل هذه الأمور تسلك صيانة للصحيح؛ لئلا يتطاول السفهاء على الصحيحين، وقد وجد من يجرؤ على الصحيحين، وإذا تطاولوا على الصحيحين ماذا يبقى لنا؟ ما عداهما الأمر فيه أخف؛ لأن الأمة تلقتهما بالقبول، وعلى كل حال المطلوب التوسط، لا نجبن بحيث نقول: إن القصة تعددت، أو النزول تعدد لمجرد وجود أدنى اختلاف، نجزم بأنه من بعض الرواة لا من أصل القصة، ولا نهجم على النصوص
"ومنها ما يرجع إلى الألفاظ"..... نكمل وإلا إيش رأيك؟ وإلا نسردها سرد...... وإلا بس؛ لأن هذا... سم.
أقول: في الأول استرسلتم شوي.
لأنه مهم مهم، ثبوت القرآن هذا يا شيخ.
اللي تشوفون.
ثبوت القرآن، لا، لا مهم جداً.
يقول: "ومنها ما يرجع إلى الألفاظ وهي سبعة: الغريب ومرجعه النقل"، يعني ما يثبت باجتهاد، نعم، ما يثبت باجتهاد الغريب، والمراد بالغريب الكلمات التي يخفى معناها، التي يخفى معناها على آحاد المتعلمين، فهذا مرجعه.. ، الغريب مرجعه النقل، وحري وجدير بطالب العلم أن يتوقى ويتحرى في هذا الباب، فقد سئل أبو بكر -رضي الله عنه- عن الأب، ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [(٣١) سورة عبس] فقال: "أي سماء تظلني؟ وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله من غير علم؟" وأوساط المتعلمين يسأل عن أصعب كلمة في القرآن أو السنة ومع ذلك يجيب بدون تردد، هذا مزلة قدم يا الإخوان؛ لأن التفسير بالرأي متوعد عليه، والإمام أحمد يسأل عن الكلمة في حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو يروي الحديث من وجوه وبألفاظ فيتوقف،... اسألوا أهل الغريب.
والأصمعي وهو يحفظ ستة عشر ألف قصيدة من قصائد العرب التي هي ديوان العرب يسأل عن السقب، ((الجار أحق بسقبه)) فيقول: "أنا لا أفسر كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق" فهذا الباب جدير بالتحري، خليق بالتوقي.
ألفت كتب في غريب القرآن، من أجمعها: المفردات، المفردات في غريب القرآن، ومنها غريب القرآن لابن قتيبة وغريب القرآن.. ، كثير للهروي، ومن أنفسها على اختصاره غريب القرآن لابن عُزيز السجستاني كتاب مختصر صغير، هذا الكتاب متعوب عليه.
الثاني: "المعرب" يعني الكلمات التي أصلها ليس عربي لكنها عربت، يعني تداولها العرب وعربوها، إما بلفظها أو بتغيير يسير "كالمشكاة والكفل والأواه، والسجيل"، نعم، والسجل ﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ﴾ [(١٠٤) سورة الأنبياء] أو السجيل؟
السجيل.
أيهما؟
"وكل منسوخ فناسخه بعده" يعني في ترتيب المصحف وإلا في النزول نحتاج إلى هذا الكلام؟ ما نحتاج إلى هذا الكلام؛ لأنه من شرط الناسخ أن يكون متأخراً عن المنسوخ، لكن كلامه منصب على الترتيب في المصحف، "كل منسوخ فناسخه بعده إلا آية العدة" ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ [(٢٤٠) سورة البقرة]، هذه الآية نسختها آية: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [(٢٣٤) سورة البقرة]، وهي قبلها في ترتيب المصحف، كانت العدة حول كامل ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر، هذه عدة المتوفى عنها.
"والنسخ يكون للحكم والتلاوة" للحكم والتلاوة يعني آية تتلى، تنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتلوها ويتلوها الصحابة، ويعرف أنها من القرآن ثم بعد ذلك يرتفع حكمها وتلاوتها، مثل آية الرضاع، كان فيما أنزل الله تعالى: "عشر رضعات معلومات" فنسخن بخمس معلومات، هذه رفع حكمها وتلاوتها، "ولأحدهما" للتلاوة دون الحكم، للتلاوة فقط والحكم باقٍ كآية الرجم: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"، هذه رفعت تلاوتها وأما حكمها فهو باقٍ ومجمع عليه، أعني رجم الزاني المحصن.
"وعكسه رفع الحكم دون التلاوة، وهو كثير" رفع الحكم دون التلاوة مع بقاء التلاوة كثير.
قد يقول قائل: ما الفائدة من النسخ، والله -سبحانه وتعالى- يعلم المصالح، وما سيؤول إليه الأمر؟ لماذا لا يقرر الحكم الأخير من البداية؟