وقد يلاحِظ أو يلاحَظ على طلاب العلم عموماً التقصير في هذا الجانب، نعم حفظ القرآن موجود، والعناية به موجودة، لكن لو وضعنا استبانة لما يُعنى به طلاب العلم في هذه الأوقات مع هذا الإقبال على العلم الشرعي وتحصيله وتأصيله على الجادة ولله الحمد، لو وضعنا استبانة لوجدنا العلوم كلها أخذت بنصيب وافر كالحديث، ويأتي عند طلاب العلم في رأس القائمة، والفقه والعقيدة، لكن نجد دون ذلك العناية بكتاب الله -عز وجل-، وما يخدم كتاب الله -عز وجل-، ولو وضعنا دراسة للدورات العلمية التي فتح الله بها في السنين الأخيرة، وهي خير رافد لتحصيل العلم، ولمسنا أثرها ولله الحمد لوجدنا نصيب القرآن وما يتعلق بالقرآن إذا استثنينا حفظ القرآن، المقصود ما يعين على فهم القرآن، كم في الرياض على سبيل المثال من درس في الأسبوع؟ يعني لو يقال: إن في الرياض خمسمائة درس في الأسبوع يستغرب وإلا لا يستغرب؟ لا يستغرب، لكن كم نصيب التفسير منها؟! كم نصيب علوم القرآن منها؟! كتاب من كتب الحديث نصيبه.. ، كتاب واحد من كتب الحديث الكثيرة أكثر من نصيب القرآن وعلوم القرآن، وما يتعلق بالقرآن.
وجاء في النصوص ما يكفي ويشفي للحث على تعلم القرآن وتعليمه، والمراد بتعلم القرآن لا يعني حفظه فقط، الحفظ نعم خصيصة هذه الأمة، أناجيلها في صدورها، ﴿فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [(٤٩) سورة العنكبوت] ويأتي من يأتي ليغبش على الناس، ويشوش على الناس، ويقول: إن حفظ القرآن من سيما الخوارج، نقول: لا يا أخي، نقول: عدم حفظ القرآن من سيما المبتدعة.
"﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾[(١٢٦) سورة النحل] بأحد"، ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾[(١٢٦) سورة النحل] يعني مماثلة، مماثلة في القتل، وليس مثلة، وذلكم بأحد لما رأى التمثيل، لما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- التمثيل بعمه حمزة.
النهاري والليلي:
"النوع الذي يليه وهو الخامس والسادس: النهاري والليلي"، يعني ما نزل بالنهار وما نزل بالليل، يقول: "الأول كثير"؛ لأن النهار هو وقت اليقظة، هو وقت اليقظة، "والثاني قليل" لأنه في الغالب وقت النوم، عكس ما عليه الناس اليوم، انتشار الناس في الليل، وسكونهم وراحتهم في النهار.
فالأول الذي هو النهاري ما نزل بالنهار كثير؛ لأنه وقت اليقظة والانتشار، والليلي قليل، لكن له أمثلة كثيرة، يعني كثير كثرة نسبية، إيش معنى كثرة نسبية؟ له أمثلة كثيرة لكنها أقل بكثير من الأول، له أمثلة، يعني لو صار له عشرة أمثلة مثلاً عشرين مثال صارت كثيرة، لكن بالنسبة لعدد آي القرآن قليلة، وسور القرآن قليلة،
"منها سورة الفتح"، ((لقد أنزل علي الليلة سورة هي أحب علي مما طلعت عليه الشمس)) فقرأ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾[(١) سورة الفتح] "وآية القبلة"، آية القبلة آية التحويل، حيث صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الصبح، على خلاف بين أهل العلم في الصلاة التي صلاها أول صلاة صلاها إلى الكعبة، لكنه قال: ((أنزل علي الليلة قرآن)) يعني وجه، ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [(١٤٤) سورة البقرة] فنزلت عليه ليلاً -عليه الصلاة والسلام-.
يوجبونه ويؤثمون من لم يجود ويلتزم بالقوانين التي تلقاها الخلف عن السلف في كيفية أداء القرآن، الذي يقول: إن الأداء غير متواتر ولا يمكن نقله كيف ينقل؟ المكتوب يمكن نقله والمسموع ما يمكن نقله، يعني ما عندهم آلات، يفتح المسجلة ويسمع قراءة نافع، قراءة كذا، ما عندهم آلات يحفظون بها الأصوات، فالذين يقولون: إنه ما.. ، أن الأداء ما نقل بطريق قطعي، وهو متروك لقدرات الناس، المقصود أنك تؤدي هذه الحروف نعم بطريقة سليمة، تخرجها من مخارجها المعتادة عند العرب، وأما كونك تمد خمس حركات، ست حركات، لا، ما يلزم، ولذا تجدون من كبار أهل العلم من كبار أهل العلم ممن تبرأ الذمة بتقليدهم يلتزمون بقوانين أو بقواعد التجويد نعم، كبار كبار من هذا المنطلق، من هذا المنطلق وإلا لو قلنا: إن الأداء ثبت بنفس الطريق التي ثبتت به الحروف لما صار لأحدهم مندوحة، لا بد أن يؤدى كما سُمع، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لأن المسألة فيها شيء من الخفاء، لكن أكثر من هذا أظن بعضكم مل من تكرار الكلام، نعم.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
"الثاني: قرينته عقلية"، بينما الأول قرينته لفظية، الأول قرينة لفظية والثاني قرينته عقلية، يعني ما جاء شيء يبين لنا أن الناس في قوله: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾[(١٧٣) سورة آل عمران] شخص واحد، لكن الواقع يدل على هذا، والعقل يحيل أن يأتي جميع الناس ليقولوا للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن الناس قد جمعوا لكم"، لكن ماذا عن التخصيص بالعقل؟ التخصيص بالعقل؟ هم يذكرون من المخصصات العقل، ما يحيله العقل لا يدخل في العموم، أو نقول: إن ما يخصصه العقل في العام الذي أريد به الخصوص؟ ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [(٢٥) سورة الأحقاف] هل دمرت السماوات والأرض؟ ما دمرت السماوات والأرض، ﴿وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ [(٢٣) سورة النمل] هل أوتيت مثلما أوتي سليمان -عليه السلام-؟ لا، هل نقول: إن هذا من العام المخصوص؟ هم يذكرون هذا في المخصصات، أو هو في الأصل لم يدخل في مراد المتكلم فيكون من العام الذي أريد به الخصوص، يعني هل العقل مخصص؟
يذكر في كتب الأصول على أساس أنه مخصص، لكن إذا قلنا: إن المتكلم أراد دخول جميع الأفراد ثم أخرجها بالعقل نعم من العام المخصوص، وإذا قلنا: إن المتكلم لم يرد جميع الأفراد ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾[(٢٥) سورة الأحقاف] ما أراد السماوات والأرض، ﴿أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾[(٢٣) سورة النمل] لم يرد نظير ما أوتيه سليمان -عليه السلام-، فهذا حينئذ يكون من العام الذي أريد به الخصوص، ويطرد قول المؤلف: "قرينته عقلية".