خمسة وثمانين، كلها مكية، وهذا على القول الراجح في الطرفين، وإلا هناك بعض السور مختلف فيها هل هي من المكي أو من المدني؟ ولذا قال: "قيل -يعني هذا قول مرجوح-: والرحمن"، تكون مدنية على هذا القول، وإلا فهي مكية على القول الراجح، من الأدلة على اعتبارها مكية: لما قرأها النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصحابة قال -عليه الصلاة والسلام- الجن نعم، موقفهم لما قرأها -عليه الصلاة والسلام- عليهم كان موقفهم أفضل؛ لأنه كلما قال: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [(١٣) سورة الرحمن]؟ قالوا: ولا بشيء من آلائك ونعمك ربنا نكذب، فينبغي أن يقال مثل هذا لا سيما خارج الصلاة، ولقاؤه -عليه الصلاة والسلام- بالجن إنما كان بمكة، والإنسان والإخلاص قيل: الإنسان مدنية، والأصح أنها مكية، والإخلاص قيل: مدنية، والأصح أنها مكية، ويذكر في سبب نزولها أن قريشاً قالوا: انسب لنا ربك، فنزلت سورة الإخلاص، والفاتحة من المدني، قيل: الفاتحة من المدني وإلا فهي على القول الراجح مكية.
"وثالثها" ثالث الأقوال بالنسبة للفاتحة: أنها نزلت مرتين، "ورابعها" رابع الأقوال بالنسبة للفاتحة أنها نزلت نصفين، نصف بمكة، ونصف بالمدينة.
ثالثها: يعني من شدة الاختصار يقعون في مثل هذا اللبس، القارئ هل يفهم أن ثالثها نزلت مرتين؟ ثالثها؟ ثالث إيش؟ نعم، ثالثها احتمال ثالث السور نعم التي ذكرت، التي هي سورة الإخلاص احتمال هذا، نعم، لكن من شدة الاختصار يسلكون مثل هذا، والشيخ يعرف الخلاف في الأصل هل هي (إنّ) أو (أنّ)؟ في بعض المختصرات يسوق الخلاف بهذه الطريقة: إنّ وأنّ والثالث وأصلان، نعم؟
صحيح.
من شدة الاختصار، وهذا بقدر ما فيه من صعوبة الأسلوب إلا أنه يربي طالب علم، يعني مثل هذا يسلك عند أهل العلم ولا يعاب عليهم؛ لأنهم إذا فهموا مثل هذه الاصطلاحات يسهل عليهم فهم الكلام الواضح.
اللهم صلِ على عبدك ورسولك، خلاص.
أحسن الله إليكم، وأثابكم على هذا الشرح، وهذه الفتاوى الموفقة المسددة، ولنا -إن شاء الله- موعد مع فضيلة شيخنا في الغد، نسأل الله -جل وعلا- أن يحفظه بحفظه، ويكلأه برعايته، ويثيبه ويجزيه أحسن الجزاء.
وأطلب من الإخوة الذين هم قريبون من جامعة الإمام أن يحملوا معهم إخوانهم من الجامعة، فمن أراد أن يفضل على إخوانه فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له)) لأن حافلة الجامعة اليوم لن تأتي، فأثابكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
انتهى الكلام، كلام المؤلف على ما يتعلق بالنزول بأنواعه الاثني عشر، ثم شرع المؤلف -رحمه الله تعالى- في بيان ما يرجع إلى السند، ويريد بذلك ما تثبت به القراءة، ما يرجع إلى السند يعني سند ثبوت القراءة، هل تثبت القراءة بالضعيف؟ الجواب: لا تثبت إجماعاً، وهل تثبت بخبر الواحد إذا صح؟ محل خلاف بين أهل العلم طويل، حجة من أًثبت أنا لو بحثنا في أسانيد هذه القراءات ما وجدنا جميعها مروي من طريق التواتر، ولذا يكتفون بصحة السند، ويتزعم هذا القول ابن الجزري وطائفة، وأما جمهور أهل العلم فعندهم أن القراءة لا تثبت إلا بما يثبت به العلم القطعي وهو التواتر.
ولذا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومنها ما يرجع إلى السند، وهي ستة: المتواتر والآحاد، والشاذ".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومنها ما يرجع إلى المعاني المتعلقة بالأحكام" يعني منها أي من المباحث التي تدرس في هذا الفن أعني فن علوم القرآن، "منها ما يرجع إلى المعاني المتعلقة بالأحكام" يعني ما يتعلق بالألفاظ وتقدم، وهنا ما يتعلق بالأحكام.
"وهو أربعة عشر: العام الباقي على عمومه"، العام ما يتناول فردين فصاعداً والخاص خلافه، ما لا يتناول شيئين فصاعداً، والعموم في الأفراد، والإطلاق الآتي في الأوصاف.
العموم هنا منه ما هو باق على عمومه، ومنه العموم المخصوص، ومنه العموم الذي يراد به الخصوص.
يقول: "العام الباقي على عمومه" بمعنى أنه لم يخص، لم يدخله أي مخصص، لا شرعي ولا عقلي ولا أي مخصص من المخصصات التي يذكرها أهل العلم.
يقول: "ومثاله عزيز، ولم يوجد لذلك إلا ﴿وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [(٢٨٢) سورة البقرة] ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [(١) سورة النساء]"، الله -سبحانه وتعالى- بكل شيء عليم، بالكليات والجزئيات، لا تخفى عليه خافية، وخلق الناس كلهم من غير استثناء من نفس واحدة من آدم ((كلكم لآدم)).
إذا كبر فكبروا)) يعني إذا فرغ من التكبير فكبروا، وليس معناه إذا أراد التكبير، لا، ((إذا ركع فاركعوا)) إذا شرع في الركوع لا إذا أراد الركوع ولا إذا فرغ من الركوع، بل المراد به إذا شرع في الركوع، فالسياق هو الذي يحدد المراد، وأيضاً يبين ويرجح قول الجمهور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يستعيذ قبل القراءة.
أحسن الله إليكم: يقول السائل: أنا طالب علم وعندي حصيلة وافرة، لكني لم أقرأ في كتب التفسير، فأريد من فضيلتكم أن ترتبوا لي ثلاثة كتب أبدأ بها أولاً فأولاً، ثم أنهي هذا العلم؟
نقول: نسأل الله -جل وعلا- أن يزيدنا وإياه من فضله، وأن يوفقنا لاقتران العلم بالعمل، مخلصين بذلك لله -جل وعلا-، مستنين بسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
كتب التفسير هناك أشرطة سوف تنشر قريباً فيها الحديث عن كتب التفسير باختصار؛ لأن وقتها ما كان في فسحة لنبسط الكلام فيها، لكن قلنا: إن المبتدئ في التفسير يقرأ في تفسير الشيخ ابن سعدي، وتفسير الشيخ فيصل بن مبارك، تفسير الشيخ فيصل بن مبارك اسمه: توفيق الرحمن لدروس القرآن، وهذا التفسير منتخب من تفسير الطبري والبغوي وابن كثير، فالصبغة فيه التفسير بالأثر، بينما تفسير الشيخ ابن سعدي تفسير فهم، فهم كلام السلف في معاني القرآن وصاغها بأسلوبه، وأودعه من اللطائف ما أودعه.