أردف ذلك بعلم التفسير، ثم علم الحديث، ثم علم الفقه، ثم علم الأصول، ثم علوم الحديث، ثم إلى أربعة عشر فناً، حتى الطب والتشريح لم يغفلها، انتزعت هذه الرسالة من ذلك الكتاب فطبعها الشيخ: جمال الدين القاسمي سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف، يقرب من قرن، وعلق عليها بتعليقات يسيرة.
نظم النقاية:
نُظم الكتاب المسمى بـ(النقاية)، نظمه القنائي وغيره، ونُظم ما يتعلق بعلوم القرآن على وجه الخصوص بمنظومة التفسير للشيخ الزمزمي، منظومة جيدة ينبغي أن يعنى بها طالب العلم، والنظم أثبت من النثر، فإذا حفظ طالب العلم هذه المنظومة أفاد منها خيراً -إن شاء الله تعالى-.
ونبدأ بشرح ما نحن بصدده، نسأل الله التوفيق والإعانة.
سم.
مقدمة عن علم التفسير:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ جلال الدين السيوطي -رحمه الله-:علم التفسير: علم يبحث فيه عن أحوال الكتاب العزيز، وينحصر في مقدمة وخمسة وخمسين نوعاً.
يقول السيوطي وهو بحق حافظ، يحفظ على اصطلاح أهل الحديث ما يستحق أن يسمى به حافظاً، وإن لوحظ عليه بعض الملاحظات في المعتقد، وفي السلوك، ولا نعني بالسلوك اللي هو ارتكاب.. ، السلوك الخلقي اللي يخلق بالعدالة، إنما هو السلوك الذي هو العمل على طريقة أهل السنة أو غيرهم، نعم ما يتعلق بأعمال القلوب والاقتداء فله نزعات، يقتدي فيها ببعض الصوفية، وأثنى عليهم، ورسالته شاهدة على ذلك في آخر الكتاب، في آخر كتاب (النقاية).
أغفى إغفاءة ثم انتبه استيقظ فقال: ((لقد أنزلت علي آنفاً سورة))، وإن كان الاحتمال قائم أنها أنزلت عليه قبل النوم، ثم بعد ذلكم عرض عليه ما تضمنته من الكوثر في النوم، هذا يخرجه بعض أهل العلم ليخرج من كون بعض الوحي نزل في حال النوم، وإن كانت رؤيا الأنبياء وحي، بل يريد أن يطرد أن كل الوحي في حال اليقظة.
بعضهم يقول: لا يلزم أن تكون نزلت عليه السورة في حال النوم، إنما نزلت قبل ذلك، ولما أغفى -عليه الصلاة والسلام- عرض عليه الكوثر، فانتبه من نومه وهو يقرأ السورة، ((لقد أنزلت علي آنفاً)) فلا يلزم أن تكون في النوم، وعلى كل حال، رؤيا الأنبياء وحي، فلا مانع من أن تكون نزلت عليه وهو في النوم -عليه الصلاة والسلام-.
النوع العاشر: أسباب النزول:
"النوع العاشر: أسباب النزول"، وبعضهم يقول: إن معرفة أسباب النزول قيمتها لا تعادل التعب من ورائها، هي مجرد سرد تاريخي لما حصل، وهذا الكلام ليس بصحيح وإن قيل؛ لأن معرفة السبب تورث العلم بالمسبب، وكم من كلام يستغلق في كتاب الله -عز وجل-، وفي سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وفي كلام الناس العادي يستغلق، كم من بيت شعر لا يفهم إلا بسببه، فإذا عرف السبب -كما يقولون- بطل العجب، أيضاً معرفة السبب وذكر السبب يدل على أن الراوي ضبط ما روى، وهذا في غير القرآن، ومن فوائد معرفة الأسباب: قصر عموم اللفظ عليه عند الحاجة، أهل العلم يطبقون والخلاف لا يكاد يذكر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، بعضهم ينقل الإجماع على ذلك، والخلاف معروف في مذهب مالك، وإن لم يكن هو المعتمد، لكنه معروف.
من فوائد معرفة السبب: إدخال السبب في النص، فلا يتطرق إليه إخراج بحال من الأحوال؛ لأن دخوله قطعي.
يقول: "ولا يُقرأ بغير الأول" بالمتواتر فقط، "ولا يقرأ بغير الأول" الذي هو إيش؟ المتواتر، طيب، ما ثبت عن الصحابة بأسانيد صحيحة، الذي جرى عليه هنا نعم أنه لا يثبت لا يُقرأ به، لا يُقرأ بغير الأول اللي هو ما نقله السبعة، إذاً لو قرأ شخص في الصلاة: "فاقطعوا أيمانهما" تصح صلاته وإلا تبطل؟ ثابت عن ابن مسعود بطريق صحيح، ولذا يقول أهل العلم: ولا تصح الصلاة بقراءة خارجة عن مصحف عثمان، نعم، "ولا يقرأ بغير الأول، ويُعمل به إن جرى مجرى التفسير" إن جرى مجرى التفسير، طيب الآن الصحابي الذي ثبتت القراءة إليه هو يرويه على أساس أنها قراءة أو على أساس أنها تفسير؟ قراءة، ونحن رددناها على أساس أنها قراءة، ما قبلناها على أساس أنها قراءة، فإذا لم نقبلها على أساس أنها قراءة نعمل بها على أنها جرت مجرى التفسير؟ يعني يمكن الرد والقبول لشيء واحد؟ يمكن أن يتجه الرد والقبول لشيء واحد؟ كيف؟
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
هذا شيء واحد "فاقطعوا أيمانهما" رددناها، رددناها، قلنا: لا يقرأ بها، وتبطل الصلاة إذا قرأنا بها، إذاً كيف رددناها؟ يعني لو أثبتناها تفسير وتفسير الصحابي عند جمع من أهل العلم له حكم الرفع، وهو يرويه على أساس أنه يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فهي مرفوعة، نعم، فكيف نردها ثم نقبلها؟ لأنه قال: "ويُعمل به إن جرى مجرى التفسير" نعم؟
طالب:.......
انفكاك الجهة، انفكاك الجهة، تُرد على أساس أنها قرآن؛ لأنها لم تثبت في مصحف عثمان، وتقبل لصحة إسنادها إلى الصحابي، وتفسير الصحابي مقبول، ويعمل به إن جرى مجرى التفسير.
العكس، الخامس: ما خص أو ما خص منه السنة، القرآن يخصص السنة، يقول: "وهو عزيز" يعني نادر، أن يوجد اللفظ العام بالسنة والمخصص بالقرآن، بخلاف العكس، العكس كثير، العام بالسنة والخاص بالقرآن، ثم بعد ذلك جاء بالحصر، ولا يسلم له الحصر، لا يسلم له حصره، قال: "ولم يوجد إلا قوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ﴾ [(٢٩) سورة التوبة]" هذا لفظ خاص من الكتاب يخص به عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) الغاية: قول لا إله إلا الله، بمعنى أنه جميع الناس لا بد أن يقولوا لا إله إلا الله وإلا فيقاتلوا، خص من ذلك من يؤدي الجزية، فالنص العام بالسنة والخاص بالكتاب، ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا﴾ [(٨٠) سورة النحل] ما قطع من الميتة.. ، ما قطع من الحية أو من البهيمة فهو ميت، ما أبين من حي فهو ميت، وما قطع من الميتة.. ، من البهيمة فهو ميت، هذا الحديث وإن كان عاد فيه كلام لأهل العلم لكن يبقى أنه مثال يشمل جميع ما يقطع وما يبان من الحيوان الحي، فيكون حكمه حينئذ حكم الميتة، يستثنى من ذلك الصوف، الظفر، القرن، الأشياء التي لا تحلها الحياة، ولذا يختلف أهل العلم هل الشعر والظفر في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟ في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟ المسالة خلافية بين أهل العلم من أرادها يراجع قواعد ابن رجب.
إذا جز الصوف أو الشعر من البهيمة وهي حية هل نقول: إنه في حكم الميت؟ هل نقول: نجس؟ أو نقول: هذا مخصص ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا﴾؟ ﴿مِنْ أَصْوَافِهَا﴾ هو لفظ خاص بالأصواف، وإن كان له جهة عموم؛ لأنه جمع مضاف يشمل جميع الأصواف، يعني ما قطع منها ما جز منها وهي حية وما جز منها بعد السلخ، وما جز منها بعد موتها، يشمل جميع ذلك، ففيه جهة عموم "وما أبين من حي فهو ميت" هذا أيضاً فيه جهة عموم، ولو قلنا: إنه من العموم والخصوص الوجهي ما بعد، وتفصيل مثل هذه الأمثلة يطول.