وعلى كلّ حال إبدال اللفظ بلفظ آخر، لو قال مثلاً (على الرسول عطرِ الأردانِ) يجوز ولا ما يجوز؟
يجوز فالنبيّ محمد_عليه الصلاة والسلام_ "نبي نُبئ بإقرأ وأرسل بالمدثر"؛ فهو نبيّ رسول، ويجوز حينئذ أن نقول "على الرسولِ عطرِ الأردانِ" لأنّه لا يتغير المقصود بذلك : ذات النبي_ عليه الصلاة والسلام_ وهي لا تتغير بأحد الوصفين.
النبيُ _عليه الصلاة والسلام_ ردّ على البراء في حديث الذكر لمّا قال له:(آمنت بكتابك الذي أنزلت، ورسولك الذي أرسلت قال:((لا، ونبيّك الذي أرسلت)) ؟
لأنّ هذا ذكر مُتعبد بلفظه، وإلا فالأصل أن اللفظين إذا دّلا على ذات واحده لا فرق بينهما، المقصود الذات؛ لكن هنا في الذكر متعبد بتلاوته فلا يُغيَّر لفظ بلفظ، فلك أن تقول: قال رسول الله_صلى الله عليه وسلم_، ولك أن تقول: قال نبيّ الله_صلى الله عليه وسلم_، وإن كان لفظ الرسالة يُوحي بالتعدي، بتعدي المقول إلى غيره؛ لكن في الجملة المقصود به: التعبير عن الذات، ذات النبي_عليه الصلاة والسلام_فسواء قلنا: نبيّ أو رسول؛ ولذا يُجيز أهل العلم إبدال الرسول بالنبيّ وعكسه في غير ما تُعبد بتلاوته.
(عطرِ الأردانِ): عطر: الرائحة الطيبة التي تفوح من أردانه_عليه الصلاة والسلام_.
(والأردانِ): الأكمام، وأكثر ما تُطلق على الأكمام الواسعة.
فالنبي_عيه الصلاة والسلام_ تفوح من أردانه، وأكمامه الرائحة العطرة الطيبة، وجاء في وصفه وفي شمائله ما يدّل على ذلك، فبدلاً من أن تفوح الروائح من الأردان والأكمام الروائح غير الطيبة من سائر البشر؛ لأن منتهى الأردان ينتهي بإيش؟ بالآباط، والآباط في الغالب روائحها ليست طيبة، والنبي _عليه الصلاة والسلام عطر الأردان، فكيف بغيرها، الذي هي مظنّة للروائح غير الطيبة فإذا كان عطرًا ورائحة العطر نفوح منه، من هذه الجهة من جسده الطاهر الشريف فكيف [بغيره] بغير هذا الموضع.