(وبعدُ فهذه): الفاء واقعة في جواب الشرط، أما التي قامت الواو مقامها، ويختلفون في أوّل من قال: أما بعد على ثمانية أقوال:

جرى الخُلف أما بعد من كان بادئا بها عُدَّ أقوالٌ وداودُ أقرب
ويعقوبُ أيوبُ الصبورُ وآدمٌ وقسٌ وسحبانٌ وكعبٌ ويعرب
ثمانية؛ لكن المُرجح عند الجمهور: أنّه داود، وهي فصل الخطاب الذي أُوتيهُ.
(وبعدُ فهذهِ): الفاء واقعة في جواب الشرط، الذي قام مقامهُ الواو، فهذهِ إشارة إلى موجود إما في الأعيان إن كانت المقدمة كُتِبت بعد تمام التأليف، وإلا إلى ما هو موجدٌ في الأذهان إن كانت المقدمة كُتبت قبل تمام النظم. ويقال هذا في كلّ المقدمات، الإشارة لابد أن تكون إلى موجود؛ لكن إن كان الكتاب تمَ نظمه ويشير إليه المؤلف فهذه إشارة إلى موجودٍ في الأعيان محسوس، وإن كانت المقدمة كُتبت قبل تمام الكتاب فالإشارةُ إلى ما في الذهن الذي ينوي كتابته.
(فَهذِهِ مِثْلُ الجُمَانِ عِقْدُ):
وآلِهِ وصَحْبِهِ، وبَعْدُ فَهذِهِ مِثْلُ الجُمَانِ عِقْدُ
مثل حبات الجمان واللؤلؤ النفيس، عقد نظمها كانت حبات متناثرة فنظمها مثل ما يُنظم العقد في سلك النظم، (عِقدُ): حتى صارت عقد زان [بها]، أو بهذا العقد جِيد التكوين أو التكون العلمي؛ لأنّها لا يُستغنى عنها، في هذا الباب لا سيما فيما يخدمُ القرآن.
(فهذهِ مثلُ الجمان عِقدُ) يمدحُها ليُغري طالب العلم بها؛ لا لِيَمُنَ بها، أو ليمدحها تبعًا لمدح نفسه؛ لأن مدح المفعول مدحٌ لفاعله، ومدح الأثر من مدح مُؤثرهِ؛ فإذا مدحت كتاب فأنت تمدحه وتمدحُ أيضًا مؤلفهُ، وهو يمدح هذا الكتاب؛فهل يقتضي ذلك أن يمدح نفسه ؟، هل سبب ذلك مدح نفسه ؟


الصفحة التالية
Icon