الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..... أما بعد
فيقول المؤلف_رحمه الله تعالى_ في حدّ علم التفسير، و(الحدّ): هو التعريف، الحدّ هو التعريف، وجمعُه حدود، والتعاريف يُعنى بها أهل العلم عنايةً فائقة يُحررونها، ويُجودونها، ويذكرون القيود المدخلة والمُخرجة؛ ليكون التعريف جامعًا مانعًا، ويذكرون المُحترزات، فهم يضبطونها ويُتقنونها، والعنايةُ بالحدود والتعاريف وُجِدت في المُتأخرين أكثر، أما سلف هذه الأمّة فلا يذكرونها إلا نادرًا؛ لأن المصطلحات لا يختلفون فيها، فمن احتاج إلى تعريف الصلاة، عند المتقدمين لا يتعرضون لتعريف، لا يتعرضون لتعريف الزكاة، ولا الصوم لأنها أمور عملية معروفة، وتعريف وحدّ بعض الأمور مما يزيد في غموضه وخفائه، أمور قد تكون، بعض الأمور تكون معروفة بين النّاس فإذا عرّفت ضاعت، لو بحثت في مصنفات المتقدمين ما وجدت تعاريف إلا القليل النادر الذي تختلف حقيقته الشرعية عن حقيقته العُرفية، يحتاجون إلى بيان شيء من هذا، وأما المُتأخرون فجعلوا الحدّ ركن ركين وأساس في [التعريف] في التعليم، والتًعلُم والتأليف؛ فلا يتكلمون عن شيء إلا بعد تعريفه، ويقولون: أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور لا يكون إلا بالحدّ، لكن قد يكون الشيء مُتصور؛ فمن يحتاج لمعرفة الماء؟، عرّفوا الماء!، عرّفوه بأنّه: مركب من كذا وكذا وذكروا أشياء جُل النّاس لايعرفُها، وعرّفوا السماء، وعرّفوا الأرض، وعرّفوا الهواء، وعرّفوا.... ، كلّ هذه لا تحتاج إلى تعريف، ولهم تقسيمات للحدود والرسوم؛ لكن سلف هذه الأمّة لا يُعنون بها، وإذا قامت الحاجة إلى تعليم شيء فلا بد من تعريفه، وإذا كيف يُتكلم عنه ويُبحث عن حُكمهِ وهو لا يُعرف ؟
يقول في حدّ علم التفسير: علمٌ به يُبحث عن أحوال كتابنا من جهة الإنزالِ ونحوهِ.


الصفحة التالية
Icon