يمكن تترجم إلى غير العربية بحروفها؟ يعني هل معنى الترجمة أنك تأتي إلى ( هن ) : الهاء وتضع مكانها، ماذا؟ ثم بعد ذلك نفس الحروف حروف مقطعة بمقابل حروف مقطعة وإلا كلمة بكلمة؟
كلمة بكلمة، لا تترجم حرف بحرف. تترجم كلمة بكلمة، والكلمة تحتمل أكثر من معنى فهو يسبق ويهجم إلى ذهنه أول المعاني، فإذا أريد إعادة الكلام إلى العربية يسبق إلى ذهن المترجم كلمة قد لا تكون هي المرادة.
فقال المترجم في قوله-جل وعلا- :﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾؛ قال : أنت بنطلون لها وهي بنطول لك، يمكن هذا. نقول: الترجمة الحرفية مستحيلة، فلا يبقى إلا ترجمة المعاني، وترجمة المعاني لا سيما بالتعبد بالقراءاة، وترتيب الآثار عليها، وتصحيح العبادات بها لا تمكن؛ لأنه لا يمكن الترجمة إلا بتجاوز مرحلتين:
قراءة معنى.
بغير العربية.
ولذا يحرمون أيضاً قراءة القرآن بالمعنى. إذا أجازوا رواية السنة، رواية الحديث بالمعنى، إذا أجاز الجمهور ذلك، وتجويزه للحاجة؛ والحاجة والضرورة داعية إلى ذلك. وكتب السنة شاهدة بذلك؛ القصة الواحدة تذكر على أوجه على ألفاظ مختلفة لكن المعنى والمحتوى واحد، وجماهير أهل العلم على جواز الرواية بالمعنى.
لكن إذا قلنا مثل هذا في الحديث هل ممكن أن نقول مثل هذا الكلام في القرآن المنزل المتعبد بلفظه؟ لا يمكن. لذا يحرم ترجمته؛ لأنه نوعٌ أو فرعٌ عن قراءته بالمعنى فإذا كانت قراءته بالمعنى لا تجوز؛ فقراءته بغير العربية من باب أولى،[من باب أولى].
وما أدري أنا، المسألة مسألة استظهار: هل الترجمة الحرفية ممكنة أو غير ممكنة؟ نقول: الترجمة الحرفية حرام، وترجمة المعنى جائزة. وأجازوها بترجمة المعاني. أنا أقول: من الأصل الترجمة الحرفية مستحيلة؛ يعني الذي ليس له مرادف يمكن. لكن اللفاظ التي لها مرادف ما يمكن؛ لأن المترجم يسبق إلى ذهنه معنى قد يسبق إلى المترجم الثاني الذي يريد إعادته إلى العربية.


الصفحة التالية
Icon