بمحيي الدين وهو صاحب التفسير والفصوص، والمنسوب إليه الفتوحات المكية، وكان يقول بفكرة الرمز والإشارة في التفسير.
…ولهذا نستطيع القول ونحن مطمئنون أن هذه الشائبة في التفسير قديمة وليست من مؤثرات التيارات الفكرية الجارفة، وليست من الواقع الثقافي الذي كان سائداً في ذلك العهد البائد. ولم تكن هذه الشوائب عامة في تفاسير المسلمين في تلك الحقبة بل كانت عند من رموا بالانحراف والتحريف والزيغ والضلال وهم يومئذ قلة.
…أما التفسير العلمي في القرن الرابع عشر الهجري فكان من تأثير الحياة المادية، وانبهار أهله بما توصل إليه المستعمرون الأوروبيون، فشكل تياراً فكرياً جارفاً مال إلى التفسير بالنظريات العلمية. وكان لهم سلف في هذا الشأن ساعدهم على السير في هذا الاتجاه. وإليك نماذج من التفسير بالنظريات العلمية في هذا القرن:
١- تفسير المنار للشيخين محمد عبده ومحمد رشيد رضا:
…ورد عند تفسير قوله تعالى: ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ (١):
…"فتكوير الليل على النهار نص صريح في كروية الأرض"(٢). وفسر اليوم الوارد في القرآن في خلق السموات والأرض بأنه كاليوم من أيام الله في الآخرة. وكذلك اليوم الذي يحتاجه العروج إلى عرش الرحمن، وذلك لتوافق نظريات وتخمينات علماء التطور ومنهم دارون الإنجليزي في نشأة الحياة على الأرض(٣). وادعى أن آدم –عليه السلام- سبقه آلاف مثله، ولم يكن هو أول البشر على هذه الأرض، وإنما كان أول طائفة جديدة من الحيوان الناطق تماثل الطائفة أو الطوائف البائدة منه في الذات والمادة، وتخالفها في بعض الأخلاق والسجايا. هذا أحسن ما يجلى فيه هذا المذهب"(٤). وهذا يذكرنا بمذهب الإسماعيلية.
٢- تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور:
(٢) تفسير المنار، ١/٢١١.
(٣) تفسير المنار، ٨/٤٩٩.
(٤) تفسير المنار، ١/٢٥٨.