…قال عند تفسير قوله تعالى: ﴿ فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ (١): "فقطرة الماء تحوي مئتي مليون مليون مليون جزيء من الماء، ولم يستطع أحد إحصاء ذلك، وإنما عرف بقسمة وزن القطرة على وزن الجزيء، مع العلم أن قطرة الماء تزن ٢٦ وحدة ذرية، ووضع بعدها واحداً وعشرين صفراً، وجزيء الماء يزن ١٨ وحدة ذرية، والجزيء لا يرى بأقوى المجاهر، ولكنه لعزله وقياسه أساليب طبيعية وقياسية، فتأمل مثل هذا حتى في قطرة الماء التي نراها، لا في الفضاء المديد الذي ينتهي علمنا إليه، ولا فيما وراء الطبيعة وغيبها. أو ندري بعد هذا قوة الذرة المستصغرة؟ لقد شقت ذرات الأورانيوم فانطلقت منها قوى عجيبة بدرجة مائة مليون فولط ويرجى بعد إتقان حملات الشق أن تزيد تلك القوة الهائلة"(٢).
…وإذا أجلنا النظر فيما سمّاه تفسيراً فإننا لا نستطيع أن نجد أدنى علاقة بين التفسير والمفَسَّر. فهو إقحام متكلف، والآية قسم عظيم بجميع المخلوقات المحسوسة وغير المحسوسة أن ما يتلوه محمد هو قول رسول كريم تنزيل من رب العالمين، ولهذا فإن ما سمّاه تفسيراً لا علاقة للتفسير به.
…وقد حاول الصحفي أحمد مظهر العظمة في موطن آخر أن يثبت وجود الملائكة بالعقل والعلم فقال: "والملائكة مخلوقات تتفق الأديان على وجودها ولا ينكرها عقل ولا علم، كما لا ينكر الكهرباء وهو يرى آثارها ويجهل ماهيتها، ولا ينكر الأشعة الكونية كالأشعة فوق البنفسجية دون معرفة كنهها"(٣).
…ومن يدقق فيما زعمه أدلة لا يجد فيها دلالة حيث إن الملائكة لا يرى أثرها. ومن المستحيل أن يثبتها بشر لأنها مما لا تقع تحت الحس، وطريقة إثباتها الوحيدة هي النقل السمعي القطعي، أي الوحي ليس غير.

(١) سورة الحاقة، الآيات: ٣٨-٤٠.
(٢) العظمة، أحمد مظهر، تفسير جزء تبارك، ص٢٧.
(٣) المصدر السابق، ص ٨٥.


الصفحة التالية
Icon