ثانياً: إن الصحابة والسلف أجمعوا على أن شريعة محمد - ﷺ - ناسخة لجميع الشرائع السالفة(١).
…قال ابن خلدون عن الشريعة الإسلامية: "وأما على الخصوص فمباينة لجميع الملل لأنها ناسخة لها وكل ما قبلها من علوم الملل فمهجورة والنظر فيها محظور، فقد نهى الشرع عن النظر في الكتب المنزلة غير القرآن، قال - ﷺ -: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد). ورأى - ﷺ - في يد عمر - رضي الله عنه - ورقة من التوراة فغضب حتى تبين الغضب في وجهه، ثم قال: (ألم آتكم بها بيضاء نقية. والله لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي) (٢).
ثالثاً: الأدلة من السنة النبوية:
روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه - ﷺ - أحدث الأخبار بالله تقرؤونه لم يشب. وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلتهم؟ ولا والله ما رأينا رجلاً منهم قط يسألهم عن الذي أنزل عليكم) (٣).

(١) الآمدي، سيف الدين، أبي الحسن، علي بن أبي علي بن محمد، الإحكام في أصول الأحكام، مؤسسة الحلبي وشركاه، القاهرة، ١٣٨٧هـ-١٩٦٧م، وطبعة محمد علي صبيح ١٣٨٧هـ-١٩٦٨م، ٢/٢٤٦، نقل الإجماع.
(٢) ص ٤٣٦، مقدمة ابن خلدون، ط٤.
(٣) ٣/٢٣٧، صحيح البخاري، طبعة الشعب، وانظر ٣/١٨١، طبعة الخيرية. رواه في كتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها. ورواه في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي - ﷺ - لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء. انظر ٧/١٠٢، فتح الباري، طبعة الحلبي، ١٣٨٧هـ-١٩٥٩م، وانظر ٩/١٣٦، صحيح البخاري، طبعة الشعب.


الصفحة التالية
Icon