أما آية النحل فالخطاب موجه لرسول الله - ﷺ -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ (١). وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلى أمة من الأمم للدعاء إلى توحيدنا والانتهاء إلى أمرنا ونهينا إلا رجالاً من بني آدم نوحي إليهم وحينا لا ملائكة. ثم يتوجه الخطاب لمشركي قريش فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. أي وإن كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسل إلى من قبلكم من الأمم رجال من بني آدم مثل محمد وقلتم: هم ملائكة(٢). فأهل الكتاب قرأوا الكتب التي من قبلكم. وفيه لفت نظر أهل الكتاب لإقامة الحجة عليهم فكانوا يحرضون كفار قريش على محمد. فهل كان أنبياؤكم بشراً أم ملائكة؟ ولا يرد أن يكون معنى الآية: فاسألوا أهل الكتاب عن أمور ما ينقصكم من أحكام، أو ما يغمض عليكم من بيان للقرآن. والذي أوقع الإشكال هو فصل صدر الآية عن عجزها، وفصل الآية عن لاحقها وهو ﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (٣).

(١) سورة النحل، الآية ٤٣.
(٢) انظر تفسير الطبري، ١٤/١٠٨.
(٣) سورة النحل، الآية: ٤٤.


الصفحة التالية
Icon