وعلى هذا النحو من الفهم يؤخذ قول الرسول - ﷺ - الذي رواه عبد الله بن عمرو ابن العاص صاحب الصحيفة الصادقة (بلغوا عنّي ولو آية وحّدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) (١). فالحديث يشير إلى جواز الرواية عن بني إسرائيل هذا النوع من الإسرائيليات المسكوت عنه، أو الذي جاءت مصادرنا به مع مراعاة الالتزام بعدم تصديقهم وعدم تكذيبهم. ولكن هذا شيء والاستشهاد بالإسرائيليات أثناء التفسير للقرآن شيء آخر لأنه يدل على حمل الآية القرآنية على الروايات الإسرائيلية. وفيه دلالة على التصديق بها. قال الشافعي - رضي الله عنه - في الحديث: من المعلوم أن النبي - ﷺ - لا يجيز التحديث بالكذب فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه. وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحديث به عنهم وهو نظير قوله (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم) ولا يريد الإذن ولا المنع بما يقطع بصدقه"(٢).
…فهذا هو الحس الإسلامي في فهم النصوص في هذا الموضوع. ولنا في الشافعي، والطبري، والمهلب، وابن بطال، وابن حجر وغيرهم نبراسٌ في فهم نصوص الوحي. وفهم ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم -. هذا ولم ينقل إلينا قط من طريق موثوق عن صحابة رسول الله - ﷺ - أن هذه الكتب "التوراة والإنجيل" كانت مصدراً للتفسير. بل على العكس هو الذي ورد عنهم - رضي الله عنهم - بسند متصل صحيح.
حديث ابن عباس في صحيح البخاري – السابق ذكره -: (يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب...).

(١) صحيح البخاري، ٤/٢٠٧، كتاب بدء الخلق. ورواه الدارمي والترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه أبو داود عن أبي هريرة، ورواه أحمد في المسند عن أبي سعيد الخدري، ورواه آخرون.
(٢) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ٧/٣٠٩.


الصفحة التالية
Icon