…"ذكر في عدة مواضع من التوراة أن علامة قبول قربان المرء أن تظهر من الغيث نازلتهم فتحكي التوراة عن أحد تلك القرابين فتقول: فأخذ منوخ جدي المعز والتقدمة وأصعدهما للرب على الصخرة فعمل الملك عملاً عجيباً ومنوخ وزوجته ينظران فكان عند ارتفاع اللهيب عن المذبح نحو السماء أن ملاك الرب صعد في لهيب المذبح ومنوخ وزوجته ينظران فخرّا على أوجههما إلى الأرض. الكتاب المقدس. سفر القضاء. الفصل الثالث عشر، الفقرات ١٩-٢٠". وواصل الحديث ثلاث صفحات على هذا المنوال(١).
…فهذا الاستشهاد إثمه أكبر من نفعه، فهو يضعف أثر الهداية في نفس قارئ التفسير، ويزيد تبصرة في الأديان الأخرى مما نهينا عنه. ويضيف بدعة شائبة أن الكتب المحرفة مبينة للقرآن. ويوجه الأنظار للتاريخ القديم –غير الموثوق- بما فيه من عقائد وتشاريع فاسدة تشغل المسلمين في دراستها عن هداية القرآن. إلى غير ذلك من الآثام. فضلاً عن أن هذا الاستشهاد لا ينسجم مع ديباجة التفسير حيث قال المودودي "وإنني حاولت خلال تفسيري للقرآن الكريم بأن لا أعتني بالمباحث التي لا علاقة مباشرة لها بالتفسير، أو التي تلفت نظر القارئ إلى الأمور التي ليست لها علاقة بالقرآن الكريم"(٢). ومن هذا المدخل دخل لنقد المفسرين السابقين وهذا يمكن أن نعدّه أنه وقع فيما عاب به غيره. وربما كان هو لا يراه عيباً لأنه ينظر إلى القرآن من منظار أمين الخولي بأنه كتاب العربية الأكبر. ويعدّ الكتب السماوية الحالية على قدم المساواة من حيث التشريع مع القرآن.
الإسرائيليات في تفسير ابن عاشور.

(١) ص ٥١١-٥١٤، رسالة ماجستير أليف الدين القرشي، عن ١/٣٠٧-٣٠٩، تفهيم القرآن للمودودي.
(٢) ص ٥٢٥، المصدر السابق، عن ١/١١، تفهيم القرآن للمودودي.


الصفحة التالية
Icon