١- كان عراب هذه الدعوة ومنشؤها جمال الدين الأفغاني وهو الذي أدخلها إلى مصر حيث قال: "ثم رجعت لأهل جرم الأرض وبحثت في أهم ما فيه يختلفون فوجدته (الدين)، فأخذت الأديان الثلاثة وبحثت فيها بحثاً دقيقاً مجرداً عن كل تقليد، منصرفاً عن كل تقيد، مطلقاً للعقل سراحه. فوجدت بعد كل بحث وتنقيب وإمعان، أن الأديان الثلاثة، الموسوية، والعيسوية، والمحمدية، على تمام الاتفاق في المبدأ والغاية. وإذا نقص في الواحدة شيء من أوامر الخير المطلق، استكملته الثانية.. وعلى هذا لاح لي بارق أمل كبير أن تتحد أهل الأديان الثلاثة مثلما اتحدت الأديان في جوهرها وأصلها وغايتها. وأن بهذا الاتحاد يكون البشر قد خطى نحو السلام خطوة كبيرة في هذه الحياة القصيرة"(١).
…وقال: "وأخذت أضع لنظريتي هذه خططاً وأخط أسطراً وأحبر رسائل للدعوة، كل ذلك وأنا لم أخالط أهل الأديان كلهم عن قرب وكثب ولا تعمقت في أسباب اختلاف حتى أهل الدين الواحد وتفرقهم فرقاً وشيعاً وطوائف"(٢).
…وقال: "الناس تجاه الأديان الثلاثة –الموسوية والعيسوية والمحمدية – وكتبها لابد أن يكون إحدى رجلين(٣): رجل يعتقد بالوحي، ويؤمن بالأنبياء، ورجل يجحد الوحي ولا يؤمن بالأنبياء ولا بإرسالهم من عند الله"(٤). وقد صور أن الأول توصل إلى أن تكون الأديان متفقة في المقصد والغاية، ولا يصح التباين في جوهرها ولا أن تخالف بعضها بعضاً(٥).

(١) المخزومي، محمد باشا، خاطرات جمال الدين الأفغاني، المطبعة العلمية، يوسف صادر، بيروت، ١٣٤٩هـ - ١٩٣١م، ص ٨٢. ومن الجدير بالعلم أن جمال الدين الأفغاني قرأ الكتاب وأقره قبل طباعته.
(٢) ص ٨٣، خاطرات جمال الدين الأفغاني.
(٣) انظر ص ٢١٣، المصدر السابق.
(٤) انظر ص٢١٥، المصدر السابق.
(٥) انظر ص٢١٤، المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon