…وقال عن الثاني: "الرجل الكافر ومنكر الوحي إنه يرى توحيد الله وتقديسه معروفاً من عند قدماء المصريين قبل موسى بأجيال، والتثليث من تعاليم الوثنيين وقد قال به فيثاغورس الفيلسوف اليوناني قبل المسيح بخمسمائة عام. وأن موسى وعيسى ومحمداً هم رجال عقلاء حكماء امتازوا عن وسطهم وجمعوا من معتقدات الأقدمين قواعد وأقوالاً –وضعوها في كتب- لا يعقل أن تكون من إله السماء. ويقول ذلك المنكر: إنه لو سلمنا أن في كتب الأديان شيئاً من النفع فهو لا يوازي ما نراه بين أهل الدين نفسه والأديان من الاختلاف والتنافر والمشاحنة، والبغضاء، ولو كانت من الإله حقيقة لجعلهم أن يتفقوا عليها ولا يختلفوا ثم يستحيل أن يكون فيها ما يرى من الخرافات إلخ"(١).
…وقال: "وأما ما يراه المنكر ونراه نحن أيضاً من اختلاف أهل الأديان فليس هو من تعاليمها ولا أثر له في كتبها. وإنما هو صنع بعض رؤساء أولئك الأديان الذين يتجرون بالدين"(٢). ثم تعرض إلى جواب سؤال من أحد النواب في الهند عن دين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون(٣)، فأجابه: اعلم أن كل دين يجب أن يكون حقاً(٤). فالإسلام اسم ومسماه الحق فلو أتاك رجل اسمه عالم وهو في الحقيقة جاهل، هل تنكر لمجرد الاسم وعدم انطباقه فضل المسمى، ثم قال: فالظهور للحق وللحقيقة وليس للإسلام اسماً مجرداً. ثم قال: وفي هذه الآية

(١) انظر ص٢١٦، المصدر السابق.
(٢) انظر ص٢١٧، المصدر السابق.
(٣) كأنه يشير إلى سورة التوبة، آية ٣٣ ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾.
(٤) ص ٢١٧، خاطرات جمال الدين الأفغاني.


الصفحة التالية
Icon